ولد الطيب سيد مكي اسماعيل الحاج دياب عام 1934 في حي ود نوباوي الأمدرماني . ترجع أصوله الى قبيلة الدناقلة بجزيرة لبب في شمال السودان.
تلقّى تعليمه الأولي في خلاوي مسجد الانصار بحي ودنوباوي. تحمّل مسؤولية أسرته الكبيرة وعمل بالتجارة منذ نعومة أظافر، فهوعصامي من طراز فريد بنى امبراطوريته من العدم .
الطيب سيد مكي أناقة وجودة أم درمانية تحدت الزمن بحلوياته التي فاقت شهرة الحلويات السورية، وأصبحت معروفة حتى خارج السودان. بدأ ببيع الفواكه في الخمسينيات بمحله في بداية شارع ابوروف المتفرّع من المحطه الوسطي بأم درمان، ثم دلف الى بيع الباسطة والبسبوسة والكنافة المصنوعة بالسمن البلدية في صوانٍ صغير، وكنا نستمتع بمذاقها إلى جانب باسطة العم بيّن.
كان يشاركه في ذلك المحل عبدالمنعم و سيد أبوغالب وقد اشتهر المحل بالنظافة و الجودة. كنا نمر به يومياً و تأسرنا رائحة البخور التي تنبعث منه، ومنظر سيد ابوغالب وهو يقوم بتلميع حبات البرتقال بالفوطة ورصّها فوق الطاولة في شكل هرمي جاذب.
كان المحل أيضاً ملتقى الأمسيات لشخصيات من ود نوباوي، ومن جميع أحياء أمدرمان أذكر منهم جعفرمحمد نميري وابن خالي عثمان المشرف مختار وقد جمعتهما به صداقة حميمة. لاحقاً تمدد النشاط ليصبح أربعة فروع بسوق أم درمان والعرضة وود نوباوي والخرطوم.
حلويات المولد من جوز الهند والسمسمية والفولية والحمصية والسمنية و غيرها كانت تباع في ساحة المولد بواسطة أشخاص مشهورين، وفى سنوات لاحقة ولج الطيب سيد مكي إلى هذا المجال و طغت حلوياته على الساحة.
وتشهد صناعة الحلويات حالة من الكساد بسبب عزوف الأسر السودانية عن شرائها بكميات كبيرة مثلما كان يحدث في الماضي، إضافة إلى الزيادات المطّردة في أسعارها.
وعلى خلفية هذا الكساد انسحبت من سوق الحلويات أسماء كبيرة كان لها وزنها في السابق. بعد رفع الدعم عن الدقيق وارتفاع أسعار مواد التصنيع لم يرفع الطيب سيد مكي من أسعار حلوياته، وطلب التريث في زيادة الأسعار مراعاة للظروف الصعبة التي يعيشها الناس .
إنه رجل أعمال من طراز فريد يهتمّ بجودة منتجاته، ويقف عليها يومياً بنفسه داخل المصنع، ويتذوّق الحلويات ليتأكد من جودتها، وتجده يهتم جداً بإرضاء الزبون، وهو فوق ذلك رجل مرح وصاحب طرفة وهلالابي على السكين .
لا تجده الا هاشاً باشاً .. رجل حبوب باذخ العطاء كريم حد الكرم حلو اللسان لطيف المعشر وطيب الروح، كما سار عليه لقب (طيب القوم)، فهو طيب على اسمه الذى صادف أهله.
تزوّج الطيب سيد مكي من عواطف خليل عثمان وله من الأبناء و البنات حاتم وطارق ومحمد و أمير ونجلاء، وله من الأخوان عبدالله ومهدي الذي زاملني في مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية.
اكتسبت حلويات الطيب سيد مكي شهرة وسمعة طيبة في كل أرجاء السودان وذلك بفضل اخلاصه في عمله وتوفيق الله له ودعم زوجته ووقوفها معه. متّع الله الطيب سيد مكي بالصحة والعافية .. ذلك الهرم النوبي الشامخ في الزمان والسودان ومدينة أم درمان.