هي مصطلح يطلقه بعض ساكني المدن القريبة منا أو من يظنون أنهم ينتمون لمجتمعات حضرية ، يطلقونه على أهلنا في قرى النيل الأبيض وغرب الجزيرة في المنطقة الممتدة من شرق الدويم حتى المناقل . ولا أريد التحدث عن الذين يدّعون الانتماء الحضري ، ولا عن أولئك الذين نشأوا على التهميش وأقاموا مجتمعات زراعية / رعوية لها ثقافة وقيم وجذور تاريخية راسخة . لكني سأخاطب بعض أفكاري التي كونتها قبل فترة طويلة عن إمكانيات بيئتنا الطبيعية التي حبانا الله من خيرات الأرض التي وجدناها أمام أعيننا ولم نتعب في إيجادها .
سأبدأ باللعوت كشجر ينتشر في المنطقة وأصبح مميزا لها في عقلية الحضريين حتى أطلقوا اسمه مرتبطا بأهل المنطقة . فاللعوت شجيرة قصيرة تقوم على عدد من السيقان وتقترب من أن يطلق عليهت نبات عشبي ، لكن اللعوت شجر دائم ، وله جذور عميقة ، ويحتفظ بالخضرة لأكبر جزء من العام ، وتزداد خضرته في الخريف ، وله رائحة لا يمكنك وصفها بالسوء ولا بالطيب . كان اللعوت مفيدا جدا في السابق فهو يوفر المرعى لبعض الأغنام التي تأكل أوراقه المخضرة خاصة في مواسم الصيف وانعدام العشب الأخضر ، كما يوفر الشوك لزرائب المواشي بديلا للأسوار الحديثة ، ويوفر مادة قيمة للوقود كحطب حريق ، ويوفر ( اللحا) الذي يتم تجميعه من سيقان الشجرة، وبه تربط الرواكيب والقطاطي ، ويعيش فترة طويلة ويوفر بديلا رخيصا للحبال . ويوفر شجر اللعوت مخبأ آمنا للأرانب والقطط الخلوية والصبر وحتى الثعالب ، إذ تحفر هذه الحيوانات تحت الشجرة وتعد منازلها مستفيدة من الأتربة التي تتجمع بفعل الرياح حول جذع الشجرة . وقد اكتشف أهلنا في عجوبة أن الطيور الصغيرة مثل الورّة والزرزور تنام ليلا فوق أغصان اللعوت ويسهل صيدها بمحموعات كبيرة باستخدام المشاعل ( البطاريات) فيمسكها الصيادون بأيديهم .
وهناك أنواع كثيرة من الأشجار تشارك اللعوت بعض ميزاته ، مثل الكتر ، والطندب ، والهشاب والطلح والسدر والهجليج . وكلها من مكملات البيئة والحفاظ على الغطاء الأخضر وتوفير الأوكسجين .
وكنت أتمنى أن يقوم الحضريون الذين يظنون أنهم أقرب للعلم والتناول العلمي ، خاصة وأننا قريبين جدا من بخت الرضا ، التي تحولت إلى جامعة منذ سنوات، تمنيتهم أن يبحثوا في موضوع الإفادة من هذه الأشجار ، وبالتالي التفكير في إزالتها لغالب الضرر الذي تسببه ، أو تنميتها لغالب الفائدة التي نجنيها منها . فلم يسع أحد لدراسة توفر بعض غذاء الناس أو الحيوان من هذه الأشجار ولم يبحث أحد عن توفر الفايتمينات أو بعض عناصر الاستشفاء من مكونات هذه الأشجار . ولم يلتفت أحد لإنتاج الأصماغ أو زيادة إنتاج الثمار وتطويرها خاصة وأن بعضها مفيد جدا وواسع الاستخدام مثل اللالوب والنبق والحمبك .
آمل ان تهتم الحكومات المحلية والمركزية ، وجامعة بخت الرضا وبقية جامعات السودان ومراكز ابحاث النبات والبيئة بالبحث والدراسة لكيفية تطوير هذه البيئة والاستفادة منها أو تنظيفها تماما لتحل محلها بيئة جديدة تفيد الناس وتمدهم بإضافات إيجابية.