بالإشارة للجمهور العام وجمهور الصحفيين الخاص، هناك عدة أدوار للجمهورين، فجمهور الصحفيين يدرك بأكثر من غيره من هو جيد ومن هو غير ذلك لقيادة النقابة، فأن تكون محرراً جيداً وكاتباً لا يشق له غبار وصحفي/ة منتشر/ة ومحبوب/ة اجتماعياً، لا يعني أنك نقابي فذ وإداري مسؤول ومنتج بذله للمهنة، وهنا يمكن أن يكون دور الجمهور سلبي في التأثير على أصوات الصحفيين بحيث يدفع باتجاه إعطاء استحقاقٍ نقابي وإداري زائف لمحرر وكاتب جيد لكونه فقط يسعد هذا الجمهور بما يكتب. أما الدور الإيجابي للجمهور فيتبلور لينعكس من خلال الطرح الجيد للمنتخبين وبابتعاد نسبي عن الأشخاص والقرب من البرامج، فعندما يكون الطرح جيداً سيجذب الجمهور الجيد الذي ستتوجه حملاته للتأثير الإيجابي على جمهور الصحفيين، بحيث تزيد فرص انتخاب نقابة مستحسنة من قبل جمهور صحفي واعٍ لمصالحه وساعٍ لتحقيقها.
نقابة الصحفيين وأي مشروع تكوين نقابة شرعية هو مشروع موجه مباشرة لمصلحة أهل المهنة وقضاياهم اليومية، كما أنه موجه بشكل استراتيجي لمصلحة الديمقراطية والتنمية والحرية والسلام والعدالة، وهنا يجب على كل مشغول بالتغيير مراقبة هذه العمليات ورفدها بالنقد والتصحيح والملاحظات. وفي هذا السياق فإن لجان المقاومة قلب الثورة النابض حالياً، دعت لإضراب في يوم 24 أغسطس؛ هذه التجربة المنتظرة ستوضح بجلاء الحاجة لدعم تكوين النقابات الحقيقية والتي في غيابها في السابق، صعد تجمع المهنيين السودانيين كبديل مؤقت!
القبول بالنتائج يأتي من توفر الثقة في لجنة الانتخابات وإجراءاتها ومن الشفافية في إجراء العملية الانتخابية والتنوير المستمر والمتواتر للصحفيين والجمهور بمجريات هذه العملية. والفائز في الانتخابات يجب أن يكون تحت الرقابة المشددة طيلة فترة توليه للنقابة، من الكيانات أو المجموعات التي دعمته، كما على الكيانات والمجموعات غير الفائزة أن تكون أكثر تشدداً في مراقبة من تولى النقابة، وعلى الجميع التعامل مع هذه التجربة كتجربة يمكن ألا تتكرر بذات الشكل في القريب.
لجان المقاومة والمجموعات المطلبية والكيانات السياسية والمهنية والحرفية على جميع المستويات بما في ذلك المستوى المحلي والمناطقي يجب أن تتابع هذه العملية عن كثب، لكي تأخذ منها النموذج الجيد وتبتعد عن الأخطاء المتوارثة، وأذكر هنا أن تجمع المهنيين ذاته تنكب الطريق نحو عملية مماثلة وهذا موضوع آخر، لكن المهم في ذكر تجمع المهنيين أنه قدم من قبل طرحاً كمقترح لتجويد الشكل التنظيمي للجان المقاومة. كان ذلك في نهايات أبريل 2019 وقد واجه هذا المقترح هجوماً من بعض اللجان متهمة التجمع بمحاولة التدخل في شؤون اللجان وفق ما جاء في إفادة لجنة الميدان، ما أدى للأسف لسحب المقترح من صفحة التجمع تحت وطأة الضغط من هذه اللجان!
الحقيقة ولقربي وقتها من ميلاد ذلك المقترح، أشدد بأن الغرض كان وضع لبنة في طريق البناء القاعدي للجان المقاومة، وكان التصور البريء- كانت مجرد مسودة-، أن اللجان ستتمكن عبر هذا المقترح من ابتدار عملية طويلة وعميقة من الجرح والتعديل وطرح البدائل، تحتوشها المناقشات والجدل والمقترحات والمقترحات المضادة، حول البناء القاعدي بوصفه يدعم مفهوم القيادة الجماعية التي تقع في صلب مشروع التغيير الشامل الذي ظل يبشر به تجمع المهنيين منذ الشهور الأولى لثورة ديسمبر المجيدة.