العالم يحكمه اثنان، رجل ابيض وامرأة سوداء، مقولة ترددها النساء السود دائماً، والعالم هنا ليس العالم كما يصفه الجغرافيون وقاراته العظيمة وممالكه، ولكنه الحدود التي ترقد فيها أميريكا، والرجل الأبيض هو الرجل الأبيض (جو) الذي يسكن في أعلى الطريق، والمرأة السوداء هي الأفروميريكية (دايين)، التي تسكن خلف القضبان الحديدية، عدلت أمراة سوداء من المحلفين من وضع شعرها المستعار وهي تبتسم، وسوف تمد عنقها نحو الحاضرين في عزة ودلال، وسوف يكتم سيدي القاضي شعورا بعظمة طاغية كادت أن تنال من تواضعه الوظيفي، سأتظاهر بأنني لم ارها وهي تشد شعرها المستعار الى الأمام، ساغمزها بعيني أعجاباً وكأنني أستميلها لجانبي حين الأعداد للحكم، وستنظر بعينيك سيدي القاضي الى سماء الغرفة وكأنك تتأكد من دوران مراوح السقف، وسوف يؤكد الشريف الأبيض المهمل على وجوده، بأحداث ضجة لا لازم لها حين يحرك وسطه المدجج بالحديد المسدس والأصفاد اللامعة، وثلة المفاتيح، ثم انه يشد على صدره، فيستبين درع الحماية من الرصاص، الذي بدا مثل تخطيط بدائي لطفل يتدرب على رسم الجسد البشري، حتي يتوهم بأنه جزء منه، ، ثم وهو يتحسس راسه الذي تساقط منه الشعر، حين يخلع قبعته فيتملكه القنوط من خوفه ان يسدد أحدهم الطلقة الى جبهته فيرديه قتيلاً، فلايقدر درع الصدرعلى حمايته، ولا يقدر على سداد أقساط بيته، ولن يتاح له أخذ ابنه الصغير الى لعب كرة السلة في ساحة المدرسة المجاورة، ولن يجيب رغبته الى قضاء عطلة نهاية الأسبوع في صيد السمك، وسيقام له القداس اللائق، عشرين طلقة في الهواء، وموكب تضاء فيه انوار السيارات والدراجات النارية في وضح النهار، يشهده المارة فيرسمون علامة الصليب دون قصد، أو تفكير، ويبدون تأففهم ونفاد صبرهم صراحة ودون خجل، من التأخر عن الوصول الى أعمالهم بسبب بطء حركة المرور، وسوف تجني زوجه مالاً كثيراً ستبدده في شرب البيرة، والمقامرة مع صويحباتها في لعب (البينقو)، ثم تنتهي حياتها سائقة لبص المدرسة الأصفرالعظيم، وينتهي الأمر بأبنه الى أعالي جبال دولة اسيوية، لا يعلم حتى ساعة موته، سبباً واحداً يبرر وجوده هناك.
سيدي الأبيض كان المستر (برايان اندرسون) صاحب المتجر، وهو رجل أبيض من اصل ايرلندي، أما سيدتي السوداء فقد كانت الآنسة ( سميث) من أصل أفريقي، تصر على مخالطته لدم (شيروكي)، كان السيد (اندرسون) يدفع لى شيكاً كل نهاية اسبوعين، و كانت ماري تأخذ جزءاً كبيراً من هذا الشيك، و تدفع لي في المقابل سياحة في تين جسدها، كنت القي بثقل وطأة غربتي في حقل حميميتها، كنت اهرب فيها من نفسي ومن وبال وحشة شقتي الضيقة، التي ما انقطعت الأغنيات سيئة التسجيل والتنفيذ عن الأشتعال فيها، أنقطعت عن مهاتفة خطيبتي، وتمثلت صورتها في عقلي مثل جذوة منطفئة، مثل ثمرة خالية من رحيق التين البري وعذوبته المهلكة، أمرأة مؤجلة للبعث مثل مومياء مصرية قديمة، تأجل شغفي بعبادتها والتوسل بعطفها، جدفت وارتددت وصبأت، وصنعت وثني الجديد بيدي.
سأطلب كوباً من الماء مرة أخرى، وسيجيء به هذا العرص المسخ في تثاقل ولؤم، سأنظر ناحية محاميتي (كارلوتا خراء) وهى تغط في نومها العميق، هذه سيدتي السوداء الأخرى، حدثتني بأنها كانت تشغل منصب المدعي العام في (سانت لويس) لمدة اثنتي عشرة سنة، سيدة أخرى أدفع لها كى تنام في قاعة المحكمة عوضا عن الدفاع عني، تبتسم بترحاب حينما ترى النقود وانا ادفع لها عربونها اول مرة في مكتبها، وتنقلب الى نمرة تسب كل اسلافها من الكاريب، أن تأخرت عن دفع قسط واحد، هاهي الآن تقترب من الخمسين بكل سطوتها وغرورها، دون زوج او أسرة عدا ابنة وحيدة نتجت عن علاقة قديمة، تخرجت بدرجة في التاريخ الأفريقي، مثل آلاف من السود الأمريكيين، تسكن في كاليفورنيا ولا تزور أمها الا لماماً، ودائماً ما تنتهي الزيارة بمعركة نسوية تنفس فيها المرأتان عن شوق يحمل رائحة الغل والغضب ضد الرجال أجمعين، لم أشأ ايقاظها حتى لا تهتف بأسم أحد من عشاقها داخل هذا الحرم القانوني المهيب، أعرف اسم واحد منهم ، (جو)، أما كيف التقيت بالسيدة ( كارلوتا) فلذلك قصة، سأقرأ في عيونكم جميعاً ملامح السؤال العنيد (و ما هي هذه القصة؟)، حسناً، كنت قد تعرفت على سيدة خلاسية محامية دعنا نسميها ( باربرا)، في حفل من نوع ما يسمى (بالمدرسة الغنائية القديمة)، وكان نجم ذلك الحفل المغني ( لاري غراهام)الذي يعرفه محبي موسيقى السبعينات،ثم أمتدت صداقتنا حتى لحظة زواجها من أحد أعضاء (البلاك كوكاس) دعنا نسميه سيناتور ( كيفين)، كان دائماً ما يمازحها بذكاء، قائلاً بأنه يشك في علاقتها بى، كانت تنتهره باعتبارها أحد أقطاب سيادة العالم بوصفها امرأة سوداء، قدمتني له أول مرة، على اساس أنني مجرد صديق، فسكت مرغما وهو يحاول مزحة أخرى، وقد أطمأن قلبه الى وهم تصديقها، لا أخفي عليكم سادتي، أنني سبحت في نهرها مراراً، نهرها خليط القهوة والحليب، تذاكرنا (اسلاى اند فاميلي ستون) و(بوتسي كولينز) دون قيد أو شرط، حتى جاء اليوم الذي طلبت فيه منها أن تقف للدفاع عني، فاعتذرت عن ذلك بقولها أنه لا يجوز لأمرأة شاركتها الفراش أن تدافع عنك في قضية تتعلق بأمرأة أخرى، أو الإطلاع على تفاصيل غزواتك الأخرى، أمنت في سري على صواب منطقها، وكان أن أقترحت على استئجار السيدة كارلوتا صديقتها وزميلتها في مكتبها، بدلاً عنها، فقبلت.
‘Jackie Sixty’ Giclee Print – By: Clayton Rabo