استصحبت زيارة كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للخرطوم السبت الماضي، استصحبت معها تداعيات مهمة حينما أكد مدعي الجنائية على ضروة تعاون الحكومة السودانية مع المحكمة وتشديده على عدم إفلات من ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية من العقاب، فضلا عن الرسائل التي حملتها زيارته لمعسكرات النازحين بدارفور.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد وصل الخرطوم السبت (20 أغسطس 2022م)في زيارة رسمية تستمرعدة أيام التقى خلالها كبار المسؤولين السودانيين، وزار معسكر كلمة في جنوب دارفور، ومعسكرين آخرين في وسط دارفور ، والتقى بالنازحين في تلك المعسكرات .
وفي إحاطة قدمها لمجلس الأمن من الخرطوم، عبر دائرة تلفزيونية، قال كريم خان: إن الحقيقة المجردة هي أن كابوس الآلاف من سكان دارفور لم ينته بعد.
وأبلغ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مجلس الأمن الدولي أن السلطات السودانية رفضت وصول محققي المحكمة إلى الرئيس المعزول عمر البشير المحتجز حاليا في الخرطوم.
ويرى نبيل أديب الخبير القانوني، في إفادته لـ(التحرير) أن القرار بتسليم المتهمين بجرائم ضد الإنسانية للمحكمة الجنائية الدولية أجيز في اتفاقية جوبا والتي نصت صراحة على مثولهم وعليه من المفروض تسليمهم .
ويوضح أديب أن من مطالب ثورة ديسمبر إعادة العلاقة مع المجتمع الدولي وأن هذا لن يتم إلا بالمثول لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين ، وتابع بالقول: أصلا هناك أوامر قبض صادرة في حق المتهمين وعليه يصبح تسليمهم أمر ملزم.
ويقول أديب: إن أن زيارة المدعي العام لمعسكرات نازحين في دارفور من الممكن أن يكون لها أثر جيد في نفوس الضحايا ، مؤكدا على أهمية إزالة المرارات ، ولفت إلى أهمية أن يبادر الذين ارتكبوا مخالفات بإعلان الحقيقة وطلب المصالحة، وأضاف يجب عليهم كذلك أن يدلوا بمعلومات كاملة عن الجرائم التي ارتكبوها.
ومن جهته يشير المعز حضرة الخبير القانوني الناشط في حقوق الإنسان، في حديثه لـ(التحرير) إلى أن زيارة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تأتي في إطار المطالبة بتسليم المتهمين الذين قاموا بجرائم في دارفور وعلى رأسهم الرئيس المخلوع عمر البشير وأحمد هارون وغيرهم، لافتا إلى أن الحكومة المدنية السابقة كانت متعاونة ووقعت اتفاقيات مبدائية، واستدرك لكن حكومة الانقلاب بعد أن أتت واضح أنها الآن ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية .
وحول سياسة الإفلات من العقاب يرى القانوني حضرة أنها سوف تتسبب في المزيد من الجرائم، وأضاف هذا هو الحاصل الآن لو أخذنا جريمة فض الاعتصام التي لم يحاكم مرتكبيها، لذلك مازالت جرائم قتل المتظاهرين السلميين وفي دارفور وفي غيرها مستمرة وأبدى حضرة أسفه على استمرار سياسة الإفلات من العقاب وتابع بالقول إذا استمرت ستستمر معها المزيد من الجرائم في كل مناطق السودان.
وفيما يلي الحقيقة والمصالحة يؤكد حضرة أنها لا تتم إلا في عهد ديمقراطي وفي ظل الحكومة المدنية، مشيرا إلى إتجاه سابق لتكوين مفوضية العدالة الانتقالية، وأضاف لكن في وضع الجرائم الموجودة هنالك جرائم في دارفور حصلت في الفترة مابين( 2002م) – ( 2005 ) وقد تحولت هذه الجرائم من مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية وفيها متهمين.
ويرى حضرة أن الحقيقة والمصالحة تأتي إذا كانت هذه هي رغبة الضحايا ولكن رغبة هؤلاء الضحايا الآن هي محاكمة المتهمين أمام المحكمة الجنائية الدولية .
زيارات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للمعسكرات تمثل رسالة للنازحين والضحايا بأن المحكمة معهم ولم ولن تنساهم، و رسالة أيضا للمتهمين الهاربين الذين يحاولون الإفلات من العقاب بأن المحكمة موجودة وسوف تظل تطالب بمحاكمتهم وتسليمهم.