مع إشراقة كل شمس ومغربها، يثبت الفريق عبدالفتاح البرهان،رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة، وزمرته من المتعطلين والمتبطلين، المنتفعين وأصحاب المصالح، عسكريين وغيرهم، من أولئك الذين يدورن في فلكه، بلا تفكير او منهجية، لايرون أبعد من أرنبة أنفهم، أنهم استنساخ واستمرار، لذات النظام الإسلاموي البغيض الذي جثم على صدر الأمة قرابة الثلاثين عاما، بل هم أضل سبيلا.
جاء هذا الانقلاب العسكري المشؤوم، بتخطيط محكم ودقيق، وفي توقيت أختير بعناية فائقة، ليئد تجربة وليدة كان يمكن ان تضع لبنات يعتمد عليها لإعادة البلاد إلى درجة من الاستقرار والتوازن،رغم ما اكتنفها من مصاعب ومعوقات، لعب هذا المكون العسكري والمدني،الدور الأهم في إقعادها وتكسيحها،على النحو الذي يهيء المسوغات للانقضاض عليها، باستغلال الباحثين عن أدوار في المشهد والمفطورين دوماً على الارتماء بين الأحضان والتشرنق في البيئات الفاسدة. هو دور خبيث لعبته المؤسسة العسكرية، التي يقف على سنامها البرهان،لايتسق وقانونها او ما عرفت به تاريخيا – باستثناء عهد تيه الانقاذ- من قدرة على حفظ التوازن، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، حتى ولو عبر محمولات وموجهات الخطاب السياسي العسكري فقط.
لقد نشأ البرهان وزمرته في أحضان بيئة، لايرى المنتمون إليها إلا أنفسهم، وهو إحساس لازمهم وتضخم لديهم طيلة سنوات التيه والضلال والشعوذة التي أذاقوا الوطن خلالها كل أنواع الويل والثبور وعظائم الأمور.
ذات الحالة النفسية التي كانت قائمة، من تضخيم الأنا، وتقزيم الآخرين، والانتقاص من شأنهم وقدرهم، وإقصائهم والتعدي على الحريات العامة والحقوق، ومطاردة وملاحقة المعارضين وإغتيالهم، والاخفاء القسري لهم وانتهاك العروض، مع إدعاء الأفضلية، والتعالي غير المؤسس، إلا على فرضيات مرضية.
إن أي نظرة فاحصة على حركة المشهد في السودان، تكشف بجلاء تعمد تسخير أجهزة الدولة واختطافها، لخدمة الفرد الإله، والفكر الواحد.. ذات الآلية والمنهج، اللذين انتجا ركاماً من التحطيم والفرقة والشتات.
نلحظ قصدية الانتخاب النوعي لجزئيات من القانون، وتطويعها من قبل الأجهزة المختصة، ومؤسسات الدولة، للنيل من الآخر، والبناء على فرضيات لا يقبلها ولا يستسيغها العقل وتأباها الفطرة السليمة، إلا أنني وكما أسلفت فإن هذه المنظومة مصابة بحالة من العصاب والفصام النفسي، هي جرثومة داء عضال أصابها- كما يقول الطيب صالح- منذ ألف عام.
ولا احتاج ولا غيري، لكثير عناء لمظهرة، الضعف والوهن الفكري للبرهان وزمرته، الذين عجزوا منذ الانقلاب المشؤوم في25 اكتوبر2021م،على ابتداع أي حل لمشاكل الوطن، او الوصول إلى الحد الأدنى من التوافق، بل عجز البرهان ولخلل في منظومته الفكرية، من ان يعين رئيس وزراء، يضطلع بشؤون البلاد، في حالة لا اعتقد ان التاريخ في السودان، بل التاريخ الإنساني، يحتقظ بشبيه او مثيل لها.
ولأن الرجل ليس لديه ما يقدمه او يسهم به هو ومن معه من المتعطلين والمتبطلين، فإنه يعمد إلى تخطئة الآخرين وإلباسهم جملة الأخطاء المنهجية التي وقع فيها، رغبة في تبرئة نفسه من المسؤولية، والتهرب من تحملها، وهو غير القادر حتى على الإلتزام بشرف الجندية.
يعمل البرهان وزمرته على تغبيش وعي العامة، من خلال تأكيد الرغبة في تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، حال اتفاق القوى السياسية، وهو يعلم تماماً مدى كذبه في هذا التوجه، الذي يكشف عن التعطش للسلطة والتشبث بها وممارستها تحت مسميات مختلفة، ليس من بينها بدون أدنى شك، تحقيق الحد الأدنى من مصلحة الوطن.
إن وجود البرهان في المشهد أمر لايسنده القانون ولا العرف، وهو يعلم تماماً انه يستمد شرعيته من رؤيته الخاصة ومساندة فصائل مشوهة، فكراً وتنظيماً، لفظها الشارع، وهي الأخطر على وحدة الوطن، وتاريخه، فصائل تحركها رغبات ونزعات لاتصب إلا في خانة التشرذم، وحب الانتقام، مدفوعة بحقد متأصل في تاريخ الشخصية، ولكأن الزمن يعود القهقرى،وعقارب الساعة، تعود إلى الوراء.
البرهان هوالمسؤول الأول والأخير، ومن خلفه أصحاب العاهات النفسية من الإسلاميين، ومن لف لفهم، عن حالة التأسيس الجارية لتبنين وتقنين الإنزلاق إلى نقطة اللاعودة، مع التضليل المستمر والمتواصل للرأي العام، وهو ديدن هذه الجماعة، المارقة عن الاجماع والمتدثرة كل مرة بلباسات، تتيح لها فقط قدرات الاستمرار والسيطرة على المقدرات والأمور، مهما كانت النتائج والعواقب.
ضل البرهان الطريق وأضل الوطن وهو الآن يمارس أدواراً، كتلك التي يضطلع بها مخرج مسرح العرائس، الذي يجمع كل الخيوط بيديه ويحاول تحريكها،، الفرق الوحيد بينه والمخرج، انه لا يفهم في تكنيك العمل وتحريك عدة الشغل، لذا يختلط حابله بنابله، ليعيش هذا التوهان، في إتجاه العدمية.