والله ياجمال أسعدتني بكلامك الرائع عن العلم والعلماء وأنه لا مستقبل لنا بدون التفوق العلمى وعودة العقول المهاجرة ..
قالها ثم نظر إلى الاستاذ لطفي الخولى وقال له ما رأيك؟.. رد قائلا يادكتور زويل .. كل ما قاله كلام جميل .. ولكنه مرهون فى النهاية بالارادة السياسية .. كان هذا الحوار بعد تقديمى لاحتفالية رئاسية بمناسبة عيد العلم قبل ثورة يناير بعشرة اعوام .. كانت الانظار وقتها شاخصة الى د . زويل وكانت الامال معلقة عليه .. مرت بعدها سنوات وسنوات ولم يحدث شيء .. ثم فجاة مؤخرا سمعنا عن توجه مدينة زويل لصناعة الرقائق الالكترونية .. وعن مشاريع لاعداد كوادر علمية جديدة يمكنها الاضطلاع بهذه المهمة .. يا له من خبر رائع .. خاصة وان دول العالم كلها تتبارى لكى يكون لها قصب السبق فى هذا المجال .. أمريكا مثلا خصصت 280 مليار دولار كميزانية لتطوير صناعة الرقائق الإلكترونية .. والمنافسة فى اوربا على أشدها بين الدول العظمى خاصة بعد جائحة كورونا والازمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة .. كل هذه المشاكل يمكننا النظر اليها باعتبارها ازمة شديدة لنا وللعالم .. ولكنها فى نفس الوقت تعتبر فرصة استثنائية ايضا .. كيف ؟..
بعض الخبراء يؤكدون ان احتياطى مصر من الرمال البيضاء قد يصل إلى عشرين مليار طن .. سيناء وبحر الرمال العظيم فى الصحراء الغربية شاهدان على ذلك ..
ثمن الطن ك مادة خام عشرون دولارا، ونقوم باستيراده مرة اخرى رملا معالجا بمائة وخمسين دولارا .. ونفس الرمل
عندما يتم تصنيعه زجاجا يصل ثمن الطن منه الى الف دولار ..
و عندما يدخل فى صناعة خلايا الطاقة الشمسية يصل سعر الطن الي عشرة الاف دولار .. وعندما يتم تصنيعه رقائق إلكترونية واشباه موصلات يصل الطن الى مائة الف دولار
يعنى خمسة الاف ضعف ثمنه كمادة خام
.. اضف الى ذلك ان درجة نقاء الرمال المصرية تصل الى سبعة وتسعين فى المائة .. الفرص سانحة ايتها السيدات والسادة ..ولكنها تكاد تتفلت من بين ايدينا اذا ما ترددنا .. ماذا ننتظر إذن ؟ يقول العلماء .. انها ستكون خطوة عملاقة اذا ما تمت ولكن ينقصها المال والخبراء .. هل هناك حلول ؟ نعم .. ماهي ؟ ..
ندخل فى شراكات تكنولوجية مع تايوان و مع اليابان ومع ماليزيا ومع كوريا الجنوبية .. وندخل في شراكات مالية واقتصادية مع الدول العربية الغنية والطموحة .. فلننجح معا .. ولنعمل معا فى اطار المصلحة والمصير المشترك ..
اما بالنسبة للكوادر فيقول د . محمد المصري احد العلماء المتخصصين عالميا .. ان مصر تحتاج الى عشرة الاف متخصص فى هذا المجال الصعب لكي ننتخب منهم الألف الاحسن والاكثر كفاءة كبداية مؤثرة وقوية .. نحن كذلك فى حاجة ماسة الى تغيير فلسفة التعليم .. لابد من استحداث كليات جديدة ذات جودة تنافسية عالمية لتخريج دفعات من المهندسين والمبرمجين والفيزيائيين على اعلى مستوى .. و يجب ان يعاد النظر فى كل جامعات مصر لكى تتجه الى مناهج ودراسات وابحاث متطورة من اجل ان تصبح مصانع لتفريخ المواهب والعقول والعبقريات .. ماذا ننتظر اذن؟ فلننطلق ..
جميل ان وزارة الاتصالات المصرية اتفقت على شراكة مبدئية مع اكبر شركة فى العالم (تى اس ام سى )التايوانية التي تسيطر على اربعة وخمسين فى المائة من سوق الرقائق الالكترونية دوليا .. وتقدر قيمة الشركة السوقية بمبلغ 446 مليار دولاااااار … عقبالنا .. على فكرة “ الفورتينة “ التى حدثت موخرا بين امريكا والصين سببها الحقيقى هو صراع من اجل السيطرة على اكبر منطقة منتجة للرقائق الالكترونية فى العالم وهى تايوان
.. انها بالنسبة للصين تشكل عصب الاقتصاد التكنولوجى .. فهى تشترى سنويا بثلاثمائة مليار دولار رقائق الكترونية
… العالم الآن يعاد اختراعه مرة اخرى من جديد .. ومازال الاعلام عندنا في غيبوبة .. مشغول جدا بمساحيق الغسيل ورقائق البطاطس.
.. فالى متى سنظل مهووسين ببرامج المطبخ .. و لاهين عن تحديات المستقبل وعن صراع البقاء والوجود وعن حروب الجيل الخامس وحروب الابادة ؟ ! ..
لاهون .. لا هون .. وكاننا قد فرغنا توا من يوم الحساب .. لا نراجع انفسنا .. ولا نخاف من عاقبة أعمالنا كما قال عنا يوما ما المؤرخ الشهير ابن خلدون ..
ولو انه كان حيا بيننا اليوم لقال لنا ..
ان رقائق البطاطس وحدها لا تكفى .. الرقائق الالكترونية الان هي التى تسد جوع الشعوب.
منشورة بالاهرام النهاردة الجمعة
2 سبتمبر 2022