غير القتل والسحل والتعذيب والعذاب والاعتقالات و(الموت الأحمر) والتربّص وذبح العدالة وهوان الدولة وسواد العيشة والمعيشة؛ فتح الانقلاب الباب واسعاً للفساد وشمله بالرعاية والحماية وإطفاء الأنوار .. وهو فساد متعدد الدرجات والوجوه والسحنات.. شديد الخطورة.. ليس فقط على اقتصاد الدولة ومرافقها ومواردها العامة.. بل على مستقبل البلاد ..!
ولا تبدو قصة وكيل النيابة العامة الذي طلب (رشوة دولارية) إلا مثل قطرة في بحر فساد الانقلاب..! وهي حكاية (من ألف ليلة وليلة) ألحّ فيها وكيل النيابة في ابتزاز عنيد بأنه لا يقبل بغير مليون دولار عداً نقداً فهو لا يتكلم باللغة العملة المحلية ثمناً لإغماض عين العدالة..
وتقول التسريبات الكاشفة أن الرجل (ليس وحده) وانه ربما كان معه وكلاء نيابة كبار..! بل يجد هذا الوكيل زملاء من حوله من وكلاء النيابة يطالبون فقط بأن يكون الأمر سراً حتى لا يعلم الناس وتحدث (غاغة) تعكّر صفو ما يجري تحت الكواليس وخلفها..!! هذا الرجل ليس وحده…(حبيبها..لست وحدك…حبيبها أنا قبلك..وربما جئت بعدك..وربما كنت مثلك)..!!
ثم في أي ميدان يتعلق ما ُيراد إخفاؤه من رشوة وبلاوي..؟!..إنه مجال يتعلق بأرواح الناس وبالطائرات التي تحمل البشر وبجدارة ومسؤولية الشركات وإجراءات السلامة وبراءة الذمة..وبدنيا الأصول والامتيازات والإعفاءات والتراخيص والصلاحيات..إلخ
ولا نريد أن نتحدث عن بعض شركات الطيران ومديريها الذين يساومون وكلاء النيابة ويتعاملون بالرشاوي لاستعادة ممتلكات وأذونات ولتمرير جنايات و(اختالالات) وقعت في مرحلة سابقة ومن اجل (تصاديق لاحقة) تتعلق بحياة الناس واقتصاد البلد…..!!
وهكذا دولة الانقلاب و(دورة الفساد اللولبية) التي تدور فتجذب إليها ليس فقط ضعاف النفوس وأقوياء الشره.. بل أساطين النهب والانتهاكات والسرقات والتزوير ..
كما تجذب إليها رعاع الاخونجية والفلول و(الفاقد التربوي) في مختلف المستويات؛ من تجار ومليونيرات وأفندية وحقوقيين ومحامين وسياسيين من الأمثال التي تعرفونها ونعرفها.. وكل هذا ليس سوى جانب واحد ضئيل من (بلاوي الانقلاب المتلتلة)..وقد صدق الانقلاب في شعاره بإعادة الإنقاذ إلى (سيرتها الأولى)…!
هذه القضية التي وقعت من في حقل النيابة العامة والتي يسمونها (البلاغ 246) هي مجرد طفح جلدي و(قوبة) صغيرة أو (ثعلبة سطحية) في رأس الانقلاب المريض.. بل هي مجرد (دمل صديدي) صغير في جسم الفساد الذي يجري الآن على شتى المرافق.. في المكاتب والدواويين والمنافذ.. وفي السوق وفي عالم الأراضي والعقارات.. وفي الجمارك والموانئ والمداخل والمنافذ وفي الإعفاءات والمخصصات..!
ولك أن تسمع عن قيادة عليا في وزارة المال تسمح بتعيينات القرابة و(المعرفة) في مناصب الدولة خارج قوانين ولوائح الخدمة..!! بل تصادق على أن تدفع الدولة الإقساط الشهرية لبعض أصحاب السيارات الخاصة.. وعلى ذلك قِس..!!
ولا تحدثني عن دنيا المعادن والذهب ولا عن التهريب وعن احتكار السلع ولا مضاربة الدولارات الرسمية ولا عن العطاءات والمناقصات.. ولا عن مخصصات (مقطوعة من الرأس) باسم الإدارة الأهلية ورشوة (النظار والشراتي) المزيفين…
فلا تدري مَنْ الذي اصدر الأمر بالدفع ووضع قانوناً للرشوة الرسمية..؟! هل هو والي ولاية أم حاكم عسكري أم وزير مختص.. أم أنه احد الاخونجية الذين يملكون صلاحيات حكومية (من منازلهم)…؟!!
هذا فساد مُطبق ومطلق ليس له (ضايط ولا رابط).. والعدالة نفسها غائبة دعك عن مؤسسات الرقابة..! ولا تحدثنا يا صديقي عن هيئات المراجعة والتقييس والمتابعة ..فماذا تتم مراجعته..؟ وكيف والسلطة يديرها معمّمون من الداخل والخارج يأخذون صلاحيات الوزراء..
والانقلاب سادر في غيّه يمنح شارات ألقاب وأوسمة ونياشين المارشالات والإنعامات و(البريقدارية) وإمارات الآلاي والفرقاء الأوائل والألوية.. وما يتبعها من مخصصات ومنازل وحشم وسيارات وبنزين لبعض رموز الانقلاب العائدين من (عزومات الاخونجية).. لا من حرب العلمين أو معركة (الطرف الأغر) ..!
ولكن ربما كانوا عائدين من حفلة للدهس والسحل واصطياد الشباب برصاص القنص والأعيرة السامة..!!
لهذا لا تستغرب يا أخي من عودة (اللص الكبير) للبلاد بعد هروبه وهو رجل خطير كان قد نهب (بنوك بحالها) وجعلها قاعاً صفصفاً (تعدو به الريح فتختال الهوينى)..! ها هو الآن يعود ليطالب بمسروقاته ..! وهي ليست (أحذية أو ملابس داخلية).. إنها مصارف ومزارع وأراضٍ وحقول ومعادن وعقارات ومرابيع وأرصدة وشركات ومرافق عامة ..
عاد اللص الكبير آمناً مطمئناً إلى بلدٍ عظيم جعله الانقلاب ساحة (هاملة) للسرقة والنصب والاحتيال .!! .هذا هو الانقلاب.. ظلام في ظلام في ظلام…!! هذا والله انقلاب خبيث.. أعادنا بجدارة إلى ما هو أسوأ من العصور المظلمة وعهود غزوات الهكسوس و(قراصنة الفايكنج)….الله لا كسبكم..!!