مدخل:
الجزء الأول:
السفير جون غودفري…صفحة جديدة مع السودان.
ولكنها صفحة ليس كما يشتهيها الانقلابيون.
بل ستكون صفحة من علاقات سمتها المستدامة تفعيل الموقف الثابت للولايات المتحدة في ضرورة تنحي العسكريين وتسليم الحكمة لحكومة مدنية؛ هذا هو الموقف الثابت والذي لن يقبل التغيير البتة.
الولايات المتحدة..موقف ثابت من دعم طموحات الشعب السوداني.
غودفري، كسفير يشغل منصب السفير “لأول مرة في حياته” سيعمل جاهداً لتحقيق ما أعلن عنه من مواقف أمام جلسة اعتماده أمام جلسة مجلس الشيوخ الأمريكي، لأنها المحك لمصداقيته، وسيركز علي تحقيق نجاح لمهمته الأولي كسفير، وسيحشد كل إرادة دبلوماسية له لبلوغ ذلك الهدف، وهو هدف تقف خلف أبتغاءه الإدارة، والكونغرس بغرفتيه، فهو إذن “سفير مسنود” ويقف فوق أرض صلبة.
خطوة ذكية قام بها السفير غودفري في أول مهمة له، وهي انتظار تقديم أوراق إعتماده فقام بزيارة لافتة ولها رمزيتها، لأربع من أمهات الشهداء، وما كان بمقدوره القيام بهذه الزيارة قبل تقديم أوراق اعتماده.
بيد أن البعض حاول تصوير تقديم السفير الأمريكي أوراق إعتماده للجنرال البرهان علي إعتبار إن ذلك إعتراف به، أو بالسلطة العسكرية، تقديم أوراق الاعتماد للسفراء سواء للرؤساء أو الملوك أو الأمراء، أو غير ذلك، رمزية لا غير، لمن يمثل الحكم في الدولة المضيفة.
رؤية غودفري لمهمته في السودان:
في تقديري الشخصي أن التوجه السياسي الأمريكي نحو السودان في عهد السفير جون غودفري سيتأسس على الاتي:
* الدفء وقوة الدفع التي دبت في أوصال العلاقات الأمريكية –السودانية بعد سقوط نظام البشير، وما حدث من تغيير جذري لما كانت عليه العلاقات الامريكية السودانية، وسيستمد فاعلية وقوة نشاطه الدبلوماسي من مسار العلاقات الثنائية بحراك دبلوماسي وسياسي وسيتأسس “تحرك السفير غودفري الدبلوماسي” علي المسار الذي استهلته مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقي مولي في علي ضوء “الاجتماع الذي جمعت فيه ممثلي المكون المدني والعسكري في الاجتماع الذي التأم بمقر إقامة السفير السعودي في الخرطوم”، وسيخضع غودفري، تحركاته الدبلوماسية لقياس وتقييم ذاتي
“Walk the Talk”وفقا للآتي:
* وذلك:
:بتفعيل
١- مرامي التغيير الذي حدث في السودان وإعادة أحياء تقبل السودان لدي الدوائر المختلفة والأجهزة والوكالات المختلفة المعنية باتخاذ القرار داخل الولايات المتحدة عبر أليات لتفعيل علاقة دبلوماسية طبيعية مع السودان.
وذلك موقف سيتشارك فيه مجموعة دول الترويكا والعديد من أصدقاء السودان.
* ٢- السعي لاستدامة التأييد والدعم الذي انتهجته الولايات المتحدة نحو السودان بعد التغيير السياسي الذي حدث في السودان والدأب على تقييمه ودراسة أتساق توجهاته مع مرامي السياسة الأمريكية تجاه السودان،
ونعلم أن التحول الجذري في علاقات الولايات المتحدة نحو السودان جاء بعد قطيعة دامت ما يقارب ثلاثة عقود،
* ولعل أهم الملامح اللافتة فيما صرح به جون غودفري السفير الأمريكي الجديد لدي السودان، أنه رهن استئناف المساعدات التنموية للسودان بإنهاء الانقلاب، وبحصول عملية انتقال ديمقراطية بقيادة مدنية وموثوق بها.
* وقد شدد السفير جون غودفري المرشح آنذاك، في جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ للمصادقة على توليه منصب سفير الولايات المتحدة لدى السودان، علي إن بلاده ستستعمل كل الأدوات بحوزتها لدعم الشعب السوداني في سعيه إلى سودان ديمقراطي ومزدهر تُحترم فيه حقوق الإنسان.
* ولعل أبرز ما شدد عليه غودفري، رداً على سؤال للسيناتور الديمقراطي كريس كونز، “الصديق الشخصي والداعم الأول للرئيس بايدن وهو من حل محله سيناتور عن ولاية ديلاوير وهي ولاية الرئيس بايدن أيضاً”، الذي طرح قانون العقوبات الفردية في السودان، عدم استبعاده فرض عقوبات من هذا النوع، مؤكدا بأن العقوبات أداة مهمة بحوزة الولايات المتحدة للكشف عن الأسماء المتورطة، والدفع باتجاه تغيير المواقف،
* بيد أن غودفري، أستدرك كدبلوماسي متمرس، للإشارة الي أنه وقبل أن يوصي بفرض عقوبات محتملة، يريد دراسة وطأتها على تصرفات قادة الجيش وعلى مواردهم المالية، وتأثيرها على الاقتصاد السوداني، وكيف سترتبط مع استراتيجية الولايات المتحدة الدبلوماسية بشكل عام، بما فيها المسار المسهل أممياً.
* وفي سياق ذي صلة، أصدرت الولايات المتحدة في ٢٣مايو 2022 بيان حذرت فيه من اجراء أي تعاملات تجارية من قبل أمريكيين مع الجيش السوداني،
* في 12 مايو 2022 صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على قرار غير ملزم، دعا فيه إلى فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في السودان،
* أكد السفير الأمريكي المرشح للسودان، جون غودفري، بأن هذه التدابير تظهر أن هناك جبهة موحدة في كل فروع الحكومة الأمريكية، مفادها أن على الولايات المتحدة مواصلة الضغط على الحكومة العسكرية لتسهيل العودة إلى حكومة بقيادة مدنية، وأنه في حال تمت المصادقة على منصبه، سيعمل مع الشركاء للاستمرار بحملة الضغط تلك.
في السياق، قال الناطق بأسم الخارجية الأمريكية نيد بريس أشار إلي قضايا بالغة الأهمية، قبل أمس الخميس، الأول من سبتمبر الجاري، “بإن علاقات الولايات المتحدة مع السودان تمثل مستقبل السودان عندما ندعم رغبة الشعب السوداني في الديموقراطية”
وتلك عبارة دبلوماسية قوية، وهي جزء مطابق للأجندة التي سبق أن أعلنها السفير جون غودفري أمام جلسة مجلس الشيوخ الأمريكي أثناء إعتماده كسفير لدي السودان، وهي بالطبع السياسة التي رسمتها إدارة الرئيس بايدن تجاه السودان؛
وأردف برايس، مشدداً علي إن أبرز القضايا التي تمثل أولوية للولايات المتحدة في علاقتها مع السودان، حيث قال:
١- هناك قضايا مهمة جداً لدينا قلق وإهتمام بها على رأسها الاستيلاء العسكري على السلطة في السودان في أكتوبر وفي ملف حقوق الإنسان بالسودان العنف ضد المتظاهرين والقيود حول حرية التعبير .
٢- الولايات المتحدة الأمريكية لن تستأنف المساعدات حتى تشكيل حكومة مدنية تحت سيطرة المدنيين وسنعمل مع المجتمع المدني بدلاً من الحكومة ولن تستفيد الحكومة العسكرية من أية مساعدات أمريكية.
٣- الولايات المتحدة الأمريكية تُدين بشدة العنف ضد المتظاهرين السلميين في السودان .
٤- مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان سيعتمد ويستند الي التقدم نحو تشكيل حكومة مدنية لديها مصداقية وتحت قيادة المدنيين.
السفير نصرالدين والي.
٢ سبتمبر ٢٠٢٢
السفير جون غودفري…صفحة جديدة مع السودان.
الجزء الثاني:
• السفير غودفري
تقول سيرته الذاتية بأنه قبل ترشيحه لمنصب السفير الأمريكي في السودان، شغل السفير غودفري منصب القائم بأعمال مبعوث مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، كما كان يشغل منصب القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص بالإنابة للتحالف العالمي لمكافحة “داعش” في مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، وقبلها عمل كذلك في منصب المستشار السياسي في سفارة الولايات المتحدة في الرياض، ورئيسا لموظفي نائب وزير الخارجية.
• كما عمل غودفري مستشارا سياسيا واقتصاديا في سفارة الولايات المتحدة في عشق آباد، تركمانستان وكمسؤول سياسي قنصلي في سفارة الولايات المتحدة في دمشق،
• غودفري حاصل على درجة البكالوريوس من جامعة كاليفورنيا، ودرجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة ميشيغان، ويتكلم غودفري اللغة العربية.
“وللعلم فقد كان يرأسه قسم اللغة العربية بالمعهد الدبلوماسي الأمريكي حتي وقت قريب “بروفسور أمريكي من أصل سوداني” رجل سوداني أصيل، بقامة علمية رفيعة للغاية، يملأ العلم والمعرفة جوانحه، هو من يخضع جميع الدبلوماسيين والسفراء الأمريكيين لامتحانات قاسية للوقوف على مستوي المامهم باللغة العربية، بما يتناسب مع متطلبات الوظيفة التي يرشحون اليها في أي من الدول العربية ويعد ذلك شرط لابتعاثهم من عدمه”.
علاقات البلدين:
* العلاقات الثنائية في ثوبها الجديد:
أستؤنفت علي مستوي السفراء بين الولايات المتحدة والسودان على مسألتي رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأحادية التي فرضت على السودان في العام 1993، ووضع أسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1997.
* بيد أن الانقلاب العسكري الذي جري في 25 أكتوبر، أحدث انتكاسة كبيرة لمسيرة الدعم الأمريكي للسودان، علقت علي أثره الولايات المتحدة العون التنموي، كما حذت الدول الغربية والمجتمع الدولي حذو الولايات المتحدة في تعاملاتها مع الحكومة العسكرية،
* وبدأت مرحلة جديدة سمتها ممارسة ضغط سياسي ودبلوماسي على القادة العسكريين دون تغير في سياسة الولايات المتحدة تجاه السودان، نحو حث العسكريين على أهمية العودة للحكم الدستوري، وإعادة تسليم السلطة لحكومة مدنية، ومتابعة مسار الانتقال، وتحقيق الديموقراطية والعدالة للشعب السوداني.
* فالبيان الذي أصدرته السفارة الأمريكية بالخرطوم بشأن مقدم السفير غودفري ومباشرته لعمله، ركز وصب التركيز على دعم تطلعات الشعب السوداني الي الحرية والسلام والعدالة والتحول الديموقراطي، والتطلع الي النهوض بالأولويات المتعلقة بالسلام والأمن والتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي. لا لبث فيه وفقا للاتي:
1- دعم تطلعات الشعب السوداني الي الحرية والسلام والعدالة والتحول الديموقراطي،
2- والتطلع الي النهوض بالأولويات المتعلقة بالسلام والأمن والتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي.
3- وأغفل “بدقة” أي رغبة في التعاطي مع السلطة العسكرية الانقلابية، مما يوحي بعدم الاعتراف بالسلطة العسكرية.
* ولعله حري بالذكر أن الولايات المتحدة ستكون حريصة على دعم السودان في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها، لما في ذلك من تحقيق لمصالحها، في دعم استتباب الأمن والاستقرار فيه، وضمان عدم عودته كدولة هامة بموقعها الجيو-استراتيجي المؤثر في جواره الأفريقي ومحيطه العربي لسابق عهد علاقاته مع الولايات المتحدة حيث إتسمت العلاقات آنذاك بتحديات كبيرة حدت من كيفية التعامل معه وذلك بالنظر الي القضايا الدولية البازغة، كمحاربة الإرهاب، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتهريب الأسلحة، والاتجار في البشر، وانتهاك حقوق الانسان، وكفكفة أذى التنظيمات الإسلامية المتطرفة، واجتثاث شأفة الغلو والتطرف.
*ومصلحة السودان تقوم وتلتقي على تعاون الولايات المتحدة في دعمها الانفتاح على المجتمع الدولي، وتشجيعه على التعاطي الإيجابي مع السودان، والاسهام الفاعل في الغاء الديون وتخفيف بعضها وفق مبادرة الهيبك، وإنهاء تعليق الدعم التنموي للسودان، ودعم التحول المدني، واستتباب الأمن، وترسيخ الاستقرار، ودعم البني التحتية، وإقامة المشروعات الاقتصادية، ومساعدته في تهيئة بيئة الاستثمار الأجنبي وجذبه للبلاد.
ما هو مطلوب من القوي الثورية الحية:
السفير الأمريكي أو الولايات المتحدة لن تأتي بمصباح علاء الدين السحري، لحل القضايا السودانية، فالقضايا والمشاكل السياسية السودانية يجب أن تحل بإيدي السودانيين أنفسهم، حكمتهم، وتحيلهم بالوطنية والمسؤولية، ووضع هم الوطن والمواطن في المقام الأول وليس مصالحهم الشخصية، الوطن يعاني جرحاً عميقاً، ويتوجب علينا جميعاً العمل الجاد من أجل التوصل لتوافق يخرج البلاد والعباد من هذه الأزمة السياسية المستفحلة وفي أقرب الأوقات؛ وما الدور الأمريكي أو الدولي سوي مكمل لذلك. فقد أهدرنا وقتاً ثميناً علي الوطن والمواطن، وكان نتاج ذلك تضحيات جسام في الأرواح والدماء، وكل يوم يمر علينا تزداد تلك التضحيات، والجرح يزداد عمقاً، فكفي بالوطن والمواطن.
* فالإنفتاح والتعاطي مع توجهات السفير غودفري في سعيه المتمثل في دعم الخطوات التي حدد ملامحها أمام جلسة مجلس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ أمر مطلوب و
”تطلعات الشعب السوداني الي الحرية والسلام والعدالة والتحول المدني الديموقراطي”، وذلك بمتابعة المسار الذي انتهجته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، مولي في، انطلاقا وتأسيسا على الاجتماع الذي جمعت فيه ممثلي المكون المدني والعسكري في الاجتماع الذي التأم بمقر إقامة السفير السعودي في الخرطوم.
ووتيرة ذلك التعاطي لابد أن تتسم بالجدية، والإيجابية، والسرعة؛ ولنعيد لهذا الشعب العظيم كرامته وعزته، وإباءه ، وشموخه وتفرده.
n.wally08@gmail.com