هل تذكرون “كنفوي” الطائرات التي كانت تنقل وزراء وأعيان الحكومة الإنتقالية والأحزاب من الخرطوم لحضور إتفاقية سلام جوبا؟ هل تذكرون كيف إنتظم قيادات الثورة على مدرجات الحفل وأيديهم تلهب بالتصفيق للذين إعتلوا منصة الإحتفال فرحين بتوقيع الاتفاقية ؟ هل تذكرون كيف كان يختال عضو مجلس السيادة (التعايشي) مزهواً بنجاحه في المهمة التي كلفته بها الحكومة الإنتقالية في التفاوض نيابة عنها؟
تُرى هل قرأ أولئك الحضور نصوص الإتفاقية قبل توجههم إلى جوبا؟ الشيء المؤكد أن الشعب لم يكن على علم بمحتواها، وأول إشارة حولها بلغت علم الشعب كانت في حديث إنتشر على مقطع مصوّر لوزير المالية جبريل إبراهيم خاطب فيه جمع من أنصاره بعد أن إستصغروا عليه قبول شخص في مقامه بمجرد منصب وزير مالية، فرد عليهم جبريل بما معناه: “لقد إخترت من نفسي شغل هذا المنصب حتى أضمن إستلام الأموال التي منحتها لنا الاتفاقية”. قال جبريل ذلك وكانت عينه على الأموال التي كان ينتظِر تدفقها من صناديق التمويل والدول المانِحة، ولم يكن يعلم بأن تلك الأموال سوف تأخذها الريح مع إنقلاب البرهان وحميدتي على الثورة.
ما يحدث الآن بإسم إتفاقية جوبا كشف عن عوارها وإساءة إستخدام نصوصها غير المُحكَمة فضلاً عن المآخذ الموضوعية الأخرى عليها، ولكن العتب في ذلك لا يقع على من حصدوا الغنائم من الموقعين عليها وأنصارهم وأقربائهم وحدهم.