ى شارعنا بالخرطوم ثلاثة وهو احد اعرق واقدم شوارع الخرطوم ..كل الشارع به اشجار نيم عريقة وظليلة، ومن ثم فان الموظفين والمتعاملين مع الهيئات والمؤسسات والمكاتب المحيطة، يتنافسون على ايقاف سياراتهم امام بيوتنا، مما يسبب لنا مشاكل عديدة، ومنها عدم التمكن من الخروج من منازلنا وحبسنا فيها، وقد غضب احد الجيران يوما، وقرر ان يقطع الشجر امام بيته، الا اننى اسرعت وانقذت الاشجار، وانا اقنعه ان ظل هذه الاشجار سوف يظل صدقة جارية حتى بعد وفاته. وازداد ضيق السكان عندما اتخذت بائعات الشاى من تلك الاشجار مكانا للبيع وبنابر للعطالة، وبالتالى تجمع كل اصناف وفئات الناس، امام بيوتهم، لدرجة ان اسرهم لا تستطيع الدخول والخروج من غير ان تتابعها نظرات الجالسين على البنابر تحت ظل الاشجار. خرجت يوما فوجدت “ست شاى” اثيوبية جديدة قد اتخذت الشجرة المواجهة تماما لباب بيتى محلا وانتشرت البنابر حتى لامست باب بيتى، فقلت لها: يا اختى هذا باب بيت اسرة ولا يصح ان تتخذى منه محل للبيع والشراء، فاجابتنى بانها قد استأجرت تلك المساحة! سالتها من هو الذى اجر لها ..فاشارت الى شاب ضخم مفتول العضلات وفارع الطول ..فناديت عليه وسالته ..فرد على بكلمة واحدة: الشارع ليس حق ابوك .. حينها اعطيتهم مهلة ساعتين لاخلاء المكان. واتصلت بلجنة الحى والمحلية دون جدوى.. ترى ماذا سوف يكون الحال لو كان لدينا مجلس بلدى منتخب من اهل الحى? المهم استطعت حل القضية بالتى هى احسن .. وصادف ان ثانى يوم كان يوم جمعة ( والامة مجتمعة).. وعندما فتحت الباب وجدت مجموعة عساكر تجلس قبالة بابى تحتسى القهوة فطلبت منهم ان يبعدوا عن الباب! فاختلفوا فى مدى الاستجابة! فمنهم من اعتذر بادب ولطف ومنهم من سارع بالابتعاد ومنهم من نظر الى ساخرا ومنهم من قال لى: نحن نقعد محل ما دايرين والاخير اخذت اسمه ورقمه ورتبته وابلغته لقيادته وكانت البلد وقتها فيها بعض الخير. الذى ذكرنى الامر اننى الان واقف بعربيتى فى ظل شجرة توت ضخمة وظليلة فى شمس حارة جدا …لان زوجتى دخلت الى عمارة لعيادة احد افراد اسرتها .. اشتروا شقة فى شبابهم ولا يمكن الوصول اليها الا عبر درجات سلم قاسى لا تمكننى اعاقتى مع التعامل معه..ولكن الغريبة انهم انفسهم غير تقدم السن، اصبحت ارجلهم مريضة ولا تستطيع تسلق السلم، ناهيك عن الضيوف من امثالى? لذلك انصحكم عند بناء اى منزل ان تكون البداية بزرع اشجار ظليلة ومثمرة مثل المنقا البلدية والتوت والزونيا وغيرها. هذا يجب ان يكون مصاحبا لاعمال حفر الاساس. وياريت اضافة تعريشة عنب فى مكان مناسب. ولا تنسوا ان البيت يجب ان يكون ملائما للشباب والشيخوخة والمرض والضيوف من امثالى. وزمان كان اهلنا يعملون حتى حساب مرور عنقريب الجنازة بعد عمر طويل وطيب باذن الله. حتى وان اخترت ان يكون البيت عالى من الشارع لا تنسى امكانية اضافة ممر متدرج للدخول والخروج. وفى حالة اهكية الدرج انصح بان لا يزيد ارتفاع الدرج عن ١٥ سم ..وان لا يقل سطحه عن ٥٠ سم. ( تخيل الحوجة الى دخول/خروج الكراسى المتحركة) والبعض يحتاجها يوميا والبعض يحتاجها فى الطوارئ والمرض. ومن المهم جدا الابتعاد عن السراميك والاسطح الملساء التى تؤدى الى الانزلاق ..فى الحمامات وغيرها وايضا انصح بمعمل مساكات/مقابض يد قوية فى المداخل وفى الحمامات واى مكان ترى فيه اهميتها. من المهم جدا لاى معاق او مريض او كبير فى السن، ان يستطيع الاعتماد على نفسه، مثلا قد حرصت فى بيتى ان اعمل نافذة تفتح من المطبخ على المضيفة/البرندة مباشرة عندما اكون وحدى ..استطيع عمل الشاى والاكل والعصير وغيره ومناولته عبر هذا الشباك ولا حوجة للضيف للدخول الى مطبخنا. وحتى عندما اكون وحدى اجهز كل شئ فى المطبخ واضعه على النافذة او انقله بترولى المونيوم متحرك يشبه الذى نراه فى الفنادق، الى المكان الذى اريده، وقد علمتنى الحياة والترحال ان اعتمد على نفسى تماما، رغم انى امشى بعصاتان، ولكنى اقوم بخدمة نفسى وغيرى بكل سهولة. وانصح اصحاب المحلات العامة ايضا بالبعد عن السراميك، وايضا عدم المسح وخصوصا بالصابون والماء اثناء يوم العمل. فى هذه اللحظة كما ذكرت فانى اكتب تحت ظل شجرة توت ضخمة، فى شارع هادئ جدا، رغم انه خلف السوق مباشرة، ولكنه قمة النظافة والجمال والهدوء، وقبل قليل خرجت عروس بثوب زفافها مع رفيقاتها ومعهن المصور من محل تجميل مجاور، وقاموا بتصوير لقطات فى الشارع وانا اتأمل الاشجار الخضراء وهى تشكل لوحة غاية الابداع مع عروس مليحة فى ثوب زفاف ابيض ورفيقاتها اثوابهن ما بين الاخضر والوردى والاحمر وكانهن ازهار تفتحت فجأة فى عز نهار الصيف ..فيارب الجمال والابداع سبحانك جلا جلالك وعلا.. د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال