يا لهذا الجنرال السادر في غيّه.. الذي يصف ما ورد في الوثيقة الدستورية حول أعادة هيكلة القوات النظامية وحفظ مهنيتها وقوميتها ممهوراً بتوقيع كل الأطراف بأنه (هترشة بلا وعي)..! ثم يضيف أن الذي يقول مثل هذا الكلام مطالباً بهذا الإصلاح الدستوري (عليه أن يجوّد لوحه)..!
هذا كلام سمج فارغ المحتوى فيه من (المساخة) ما يجعل منقوع الترمس والسعف و(الحندقوق) أحلى منه مذاقاً…! وفيه من الجهل بمطالب الثورة ما يجعل صاحبه من الذي لا يؤبه لقومتهم وقعدتهم..والذين يمكن لأبي حنيفة أن يمد رجليه في حضرتهم..! دعك من كارثية أن يصدر مثل هذا الهزر (في غير موضع الهزر) من شخص يتحدث باسم الجيش السوداني بكل تاريخه وكينونته..!
ألا يعلم هذا الرجل الذي يضع على كتفيه إمارات لا يضعها إلا من خاضوا غمار حروب كبرى وواجهوا الامتحانات الوجودية العصيّة ووضعوا أرواحهم على المحك في سبيل حماية أوطانهم أو من أجل مبادئ سامية فاضلة أو غايات إنسانية عُليا…! ولكن ماذا تقول في الإنقاذ التي أرادت امتهان كل مقاييس (التراتبية) ومطلوبات المهنية وشروط الاستقامة وحتى ما يلزم من المبادئ الأخلاقية..وقد عمدت جماعة الإنقاذ (عن قصد) وعلى مدى ثلاثين عاماً وبخطة ممنهجة رعاها كبار الإنقاذيين (صغار النفوس) وقادة حركتهم ومشروعهم المُجرم أن يطمسوا كل النواميس والقوانين والأعراف حتى تختلط الأمور في كل اتجاه ويتسلل الأسافل إلى الأعالي.. فلا تعرف مع مَنْ تتحدث عندما يطل عليك (من العدم) وزير أو غفير أو (بروفيسور) أو حامل نياشين أو خطيب مسجد أو عضو مجلس شورى أو إفتاء أو رئيس (هيئة علماء)…! هذا هو الحال الذي رآه الناس من (مقاديم) الإنقاذ ووزرائها ومنسوبيها في كل مرافق الدولة وهذا ما عرفوه عن مستشاريها وخبرائها (الوطنيين والاستراتيجيين)..!! ولهذا نسمع مثل هذا الحديث وغيره الآن..!
هل يريد الرجل أن تظل جميع مؤسسات الدولة على حالها من التدمير و(البهدلة) والتسييس الذي تركته عليها الإنقاذ..؟! ألا يريد أن تخرج مؤسسات الدولة من وحل الإنقاذ وطينها وخبوبها و)برجوبتها( ومستنقعاتها..؟؟ ألا يريد أن تتطهّر المؤسسات من دنس الإنقاذ وتعود نظيفة قومية مهنية تشرّف أهلها وتقوم على خدمة الوطن وساكنيه..؟! هل يريد لها أن تظل كسيحة بلا ضوابط ولا قوانين..تعشعش عليها عناكب الإنقاذ وبومها..ويرين عليه كل هذا الصدأ والصديد الذي يشل حركتها بالقدر الذي تضيع معه أهدافها وودواعي تأسيسها ومهامها التي أنشئت من اجلها..؟! ألا يعلم أن القصد من كل المؤسسات القومية التي تقوم على ظهر هذه الأرض الطيبة هو حماية الوطن وأهله..وأن تكون خادمة للشعب لا سيدة عليه..؟! وإذا لم يكن هذا هو الهدف فما جدوى الأوسمة والنياشين والنجوم والأهلة والتيجان و(الازبلايطات) الحمراء والصفراء..!
هل المناداة بإنفاذ بند من بين أهم بنود الوثيقة الدستورية لفترة الانتقال (هترشة..وعدم وعي)..؟! حسبنا الله الذي جعلنا نساكن مثل هذه الشخوص التي جاءت من جوف الإنقاذ العطن لتملي علينا ماذا نقول وماذا نفعل..!!
المجد للشهداء الذين عطروا ثرى هذا الوطن من اجل خسف الأرض بالإنقاذ وتركتها الثقيلة المُثقلة بالذنوب ودماء الأبرياء.. الله لا كسب الانقلاب..الله لا كسب الإنقاذ..!!
murtadamore@yahoo.com