أزجى قائد القوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، النصح للسياسيين بعدم التدخل في الشأن العسكري وقال لن تستطيعوا أن توقعوا بين القوات المسلحة والقوات الأخرى، وما عندكم غرض بالجيش وقوات الدعم السريع.. أنتم كسياسيين اذهبوا وشكِّلوا حكومتكم وتعالوا اعملوا هياكلكم بمعزل ومنأى عن الشأن العسكري.
والفريق البرهان من أكثر الشخصيات التي تجيد فن المراوغة السياسية واللعب بالمصطلحات فهو يعلم أكثر من غيره ان تشكيل حكومة مدنية لايعني أنها تكون بمنأى عن الجيش ولا هو بمعزل عنها، فالشعب يطالب باقامة دولة وكل دولة يجب ان يكون الجيش واحد من مؤسساتها مهمته وواجبه حماية هذه الدولة وحماية الشعب والوطن ، والحديث عن إصلاح المؤسسة العسكرية ودمج القوات في الجيش هو أمر لا يحدده مزاج البرهان وهواه ، كما انه ليس شأن يخص العسكر او السياسيين هذا قرار يخص الشعب الذي اكتوى من وجود تعدد الجيوش والقوات النظامية التي تحولت الى كارثة تهدد أمن البلاد وسلامة المواطن.
ولكن ان أخذنا حديث البرهان على محمل القبول ان يهتم كل طرف ويركز (في ورقته) فمن الذي يحتاج الى هذا النصح ومن الذي يجب عليه الإبتعاد ، السياسيون الذين يتدخلون في الشأن العسكري ام العساكر الذين تدخلوا ودخلوا في السياسة واستلموها (كلها) فما يفعله البرهان في السياسة ليته كان تدخلاً كان يمكن ان يخرج عليه احد قيادات الأحزاب السياسية ويقدم له نصيحة الإبتعاد مثلما قدمها البرهان، فما فعله هو تعدي وحكم بالقوة وسيطرة على القرار السياسي بأمر البندقية ، فهو اكثر الذين يجيدوا ممارسة التدخل التي ينصح الناس بعدم ممارسته، لذلك يجب ان يبتعد البرهان عن السياسة أولاً ويكون قائداً للجيش وليس رئيساً لمجلس انقلابي يحكم البلاد ويديرها سياسياً وعسكرياً، افعلها انت ياسعادة الفريق ومن ثم انصح بها غيرك ، ففاقد الشئ لا يعطيه.
ويقول قائد الجيش في الاحتفال بذكرى موقعة كررى: ما ارتكب في معركة كرري لا يقل عن التطهير العرقي والإبادة الجماعية، أربعة أيام، القتل لم يتوقّف والعالم يصم آذانه ونحن نصم آذاننا، ما تحدّثنا ولا طالبنا من ارتكب الجريمة.
وهذا الحديث ليست دعوة للدول التي ارتكب جرائم في كرري لكي تقر وتعترف، ولكنها رسالة في بريد المجتمع الدولي عامة أن يكف عن ملاحقة المكون العسكري لمحاسبته على ما اقترفه من جرائم ضد الانسانية في حق الشعب السوداني ( نحنا سكتنا زمان انتو اسكتو الآن ) !!
اما غزل قائد الجيش في قوات الدعم السريع هو مجرد افصاح عن علاقة (حب من طرف واحد) ودرج البرهان في كثير من الخطابات والمناسبات على البوح ومدح العلاقة عكس قائد الدعم السريع فمحمد حمدان دقلو الذي لا يبادل الجيش ذات المشاعر على العكس الرجل يتحدث دائماً عن قواته فقط وينتقد الحال الذي وصلت له البلاد وما آلت اليه ، وحتى المبادرات التي يرعاها المجلس الانقلابي وآخرها مبادرة الطيب الجد ( المرحومة) لم يدعمها حميدتي وسخر من فشلها وعدم نجاحها ، فخطابات حميدتي في الفترة الاخيرة خلت من أي عبارات تتحدث عن هذا الود الذي يحدثنا به البرهان.
لذلك يُعد خطاب البرهان في ذكرى معركة كرري واحداً من أفشل الخطابات التي لم يوفق فيها القائد الإنقلابي الذي جلب عليه السخرية والتهكم في مطالبته للسياسيين بالابتعاد عن التدخل في شؤون الجيش وهو الباحث عن فرصة ثانية او ثالثة تعيده للمشهد السياسي من جديد..!!
طيف أخير:
احذروا أن لا يسقط القناع
الجريدة