ذكرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أن الملكة كانت في أحد الأوقات رأس الدولة المعترف بها في جميع دول الكومنولث، وحكمتها بنفس الطريقة التي تحكم بها المملكة المتحد.. واليوم، الملكة هي رأس الدولة في 15 من دول الكومنولث، من بينها المملكة المتحدة. والدول الأخرى، وهي: أستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، وأنتيغوا وبربودا، والباهاما، وبليز، وغرينادا، وجامايكا، وبابوا غينيا الجديدة، وسانت لوسيا، وجزر سليمان، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت فنسنت وجزر غرينادين وفي حين أن باربادوس كانت آخر دولة تحصل على الاستقلال وتستبدل بالملكة رئيسا، فهي ليست أول دولة تفعل ذلك. وكانت آخر دولة تتخذ نفس الإجراء موريشيوس عام 1992، وقبل ذلك، فعلت دومينيكا الشيء نفسه عام 1978، وترينيداد وتوباجو في عام 1976، وغيانا في عام 1970. وأشارت “الإندبندنت” إلى أن رئيس وزراء جامايكا أندرو هولنيس اقترح على دوق ودوقة كامبريدج خلال زيارتهما في وقت سابق من هذا الأسبوع أن بلاده قد تكون التالية التي تصبح جمهورية. وتشهد أستراليا عدة نقاشات بشأن المسألة، وكانت آخر مرة عقدت فيها البلاد استفتاء لعزل الملكة كرأس الدولة عام 1999، لكن 54.9% صوتوا لصالح بقائها. ورحلت الملكة إليزابيث الثانية أمس الخميس عن همر يناهز الـ 96عاما، وعلى مدى 7 عقود، كانت إليزابيث الراحالة بالأمس الخميس 8 سبتمبر 2022 م ملكة متوجة على رأس 16 دولة إذ أنها ملكة المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية ودول الكومنولث فضلا عن أنها ترأس الكنيسة الأنجليكانية نظرا لكونها ملكة بريطانيا. كان الحادي والعشرين من أبريل عام 1926 تاريخ ميلاد الأميرة إليزابيث ألكسندرا ماري وندسورفي لندن وكانت الأميرة الأبنة الكبرى للملك جورج السادس وإليزابيث باوز ليون.
وفي ذلك الوقت، لم يكن يدرك أي شخص أن هذه الأميرة سوف تكون ملكة بريطانيا في يوم من الأيام نظرا لوجود عمها أمير ويلز والذي أصبح لاحقا الملك إدوارد الثامن وأيضا وجود والدها. ورغم ذلك، أصبحت الملكة إليزابيث الثانية في الحادي والعشرين من ديسمبر عام 2007 أطول ملوك بريطانيا عمراوأصبحت في التاسع من سبتمبر عام 2015 أطول ملوك بريطانيا جلوسا على العرش لتتخطي بذلك الملكة فيكتوريا سواء من الناحية العمر أو فترة اعتلاء العرش. بسبب مرض والداها الشديد بالسرطان، كانت إليزابيث تمثله في جميع أنحاء العالم حتى السادس من فبراير عام 1952 عندما أعلنت وفاته فيما كانت هي في كينيا وجرى إعلان أنها أصبحت ملكة البلاد في اليوم ذاته فيما كان تتويجها في كنيسة وستمنستر في الثاني من يونيو عام 1953. اللافت أن جلوسها على العرش لم يكن بسبب وفاة والدها فحسب بل كان أيضا بسبب تخلي عمها عن العرش من أجل الزواج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون. ومنذ جلوسها على العرش، اتسمت حقبة الملكة إليزابيث بالانضباط والشعور بالواجب. وتلقت الملكة إليزابيث تعليما عاليا فيما انتشرت نكتة بين البريطانيين (أنها تدربت على الميكانيكا وقيادة الشاحنات خلال الحرب العالمية الثانية) فيما كانت الفرد الوحيد في العائلة الملكية الذي خدم في الجيش لفترة من الزمن. في عام 1947 أقيم أول حفل زفاف ملكي في أوروبا بعد الحرب عندما تزوجت إليزابيث من الأمير فيليب مونتباتن الذي تعود أصوله إلى الأسرتين الملكيتين اليونانية والدنماركية وأصبح ضابطا في البحرية الملكية وحصل على لقب دوق إدنبرة قبل الزواج. وعندما جلست على عرش البلاد عام 1953، قطعت الملك إليزابيت على نفسها عهدا بتكريس حياتها للشعب البريطاني فيما عمدت إلى الوفاء بهذا الوعد على نحو صارم.
الملكة اليزابيث والسودان
في الثامن من فبراير 1965، هبطت طائرة الملكة إليزابيث الثانية في الخرطوم، حيث وجدت ترحيباً كبيراً من قبل الحكومة والشعب. ويظهر فيلم وثائقي تاريخي أنتجته مؤسسة الدولة للسينما كيف اصطف المواطنون خارج مبنى المطار الذي لا يزال قائماً بمكانه حتى اليوم وسط العاصمة لاستقبال الملكة.. وكان السودان مستعمرة بريطانية من 1899 وحتي إلى الأول من يناير 1956م، حيث حصل على استقلاله من فترة الحكم البريطاني الممتد (75) عاما منذ دخول قوات القائد الإنجليزي، هربرت كتشنر، البلاد. وفي مشاهد أخرى، من ذات الفيلم يظهر اصطفاف الحشود في الشوارع الذين تجمعوا لاستقبال ملكة بريطانيا في كل مكان ذهبت إليه، وهي تقابل بالتحيات والعروض والأغاني السودانية، إضافة إلى ترداد كلمة “أبشر”. وقضت الملكة اليوم الأول في الخرطوم قبل التوجه إلى مدينة الدمازين لمشاهدة بناء سد الروصيرص وزيارة أجزاء من مشروع الجزيرة في مدني، وهو المشروع الزراعي الذي أنشأته الحكومة البريطانية. كما زارت إليزابيث الثانية مدينة الأبيض، حيث استقبلها 80 ألفا على صهوة الجياد والجمال. وكانت العلاقات بين المملكة المتحدة والسودان قد قطعت شوطاً كبيراً وقتها، في فترة كان يلقب بـ”سلة غذاء العالم”، واستمرت بريطانيا كداعم له. وخلال زيارتها عام 1965، تمت دعوة الملكة لحضور حفل شاي نظمته المجالس المحلية بالخرطوم في حديقة بمدينة أم درمان، وهناك ألقت كلمة شكر للشعب السوداني على ترحيبه الحار. وأكدت إليزابيث الثانية، والتي كانت في الـ39 من عمرها آنذاك، في 11 فبراير 1965، على قوة الصداقة والاحترام المتبادل بين البلدين خلال أوقات الحرب، والتي تعضدت في السلم. وقالت: “هذه الزيارة أظهرت لي مدى واقعية التعاطف والتفاهم بين البلدين”. وقد تجولت اليزابيث في الخرطوم برفقة د.التجاني الماحي رئيس مجلس السيادة لحكومة ثورة اكتوبر 1964، التي لم يمض عليها سوى بضعة أشهر عند زيارة الملكة، ففي 21 أكتوبر 1964 كان السودانيون قد أطاحوا في ثورة شعبية بحكم الفريق إبراهيم عبود.