حينما تيمم وجهك نحو مدينة الفن والجمال، فإن أول ما يقابلك العبارة الشهيرة (ابتسم فأنت في ودمدني)، وحقاً لك الابتسام والحبور والسعادة، فأهلها ناس دين وثقافة وعلم ودراية؛ وبرضهم أهل سِلْسِلَّة و تُقَّابة ومحاية ودواية. أرض مَحَنَّةٍ: ترابها زعفران وحصاها فجاجٌ ووهادٌ و بها سهول ووديان وبيدرُ حنطةٍ وحواشةُ قطنٍ وحقلُ فِلاحة وزهرُ بستان؛ و تحفُّها تُرَعٌ وحياضٌ ورياضٌ وجنانٌ. وهي(مترعةٌ) بماءٍ (عذبٍ) طهورٍ وناضرة بنوار خضرةٍ وذاخرةٌ بوجوه غيدٍ حسان؛ وإن قلبها النابض هنا حاضرةٌ لمن يراها حالمةً وادعةً ترقد بسلام وأمانٍ على خاصرة الأزرق سليل الفراديس.
أما إنسانها فهو عنوان للإنسانية كيف ولقد رأيت في مشفاها التعليمي، لوحة شرف علقت على جدار بنك الدم فيها أرقام هواتف من يحملون الفصيلة النادرة (o) سالب، وهم على استعداد تمام لتلبية النداء في أي وقت وزمان؛ وفي أسواقها تجد حافظات المياه المبردة في كل حانوت ودكان.
إن الناظر إلى إنسان ومدني يجد هنالك لحمة اجتماعية فريدة وتواصل يميزها عن غيرها من مدن السودان، فتكاد تجد مجتمعها يعرف بعضه البعض فتجدهم في الأفراح والأتراح لا رابط بينهم سوى تلك المدينة الآسرة ولعل ما لفت نظري حينما انتقل إحدى قريباتي بمدينة ودمدني حي الأندلس وأردنا الذهاب إلى المقابر لمواراة جثمانها الطاهر، فقد وجدنا هنالك مجموعة من الشباب تعجب لحركهم الدؤوبة ونشاطهم وتفاهمهم وهم يقومون بتجهيز القبر، فقد تداعوا من كل حدب وصوب بالاتصال على هواتفهم وسرعان ما لبو النداء رغم إن الدفن كان ليلاً ولكنهم كمجموعة يعرفون بعضهم البعض لذلك تجدهم قد تشكلت لديهم خبرة كافية بكيفية إعداد القبر وتجهيزه فلا تجد كثير من النظريات كما يجري ذلك في غالباً في المقابر، وأنهم جاهزون من جميع ما يحتاجه القبر من تجهيز حتى أدوات الإنارة، فحمدت الله على هذا العطاء من أولئك الشباب وما يقدمونه بعيداً عن الأضواء لا يرجون سوى المثوبة والأجر من الله.
إن الشواهد على تفرد مدينة ود مدني لا تكاد تحصيها الأوراق والدفاتر فهي مدينة خلقت لتكون أنموذج لمعنى المدينة من أصالة ورقي وتكامل في الأدوار بين أفراد مجتمعها فهي على الدوام ذاخرة بالمواهب والفنون في جميع مناحيها يعمها الخير في أكانفها وتسير الفضيلة بين أفراد مجتمعها المتكاتف
السلام عليكم،
كيف يمكن أن أتحصل على وسيلة تواصل مع الأستاذ عصمت.
و شكرا مقدما.
هاتف الأستاذ عصمت
00966567370192