كان عمنا حمدان فضل يعمل مع مؤسسة الشبراويشي بمصر أصهار آل الميرغني ثم عاد متعاونا مع عمنا إبراهيم علي في دكانه ليستقل لاحقاً بدكانه الخاص، ويصير من أعلام سوق دلقو.
أما زوجته خالتنا زهرة دياب فنشأت مع ناس والدتي في سعدنكورتى في طفولتهن قبل الاستقرار في أقترى.
اعتاد أهل حلتنا شمالي سعدنكورتى في العيدين الوضوء في بيت حمدان وقد هيأ المباسط والأباريق والخبائز ثم الخروج للصلاة في ميدان ضريح جدنا الشيخ مكي، ولاحقا شاركه في هذا الفضل جدي عباس أحمد فور أن بنى بيته الجديد جواره حيث نمتلك أرضا هناك الأمر الذي جعل أبي وعمي جمال يحرصان على زراعة الذرة في حلة حبلركي تلك وبذا فقد كنا عندهم خلال الزراعة وسواقة الطيور والحصاد ثم التذرية التي تتولاها النساء ” سلي ” لتنقية المحصول من التبن المزعج وفي كل تلك المراحل تظل خالتنا زهرة دياب حاضرة معنا بقراريصها وشايها بل وخدمتها.
اعتاد عمنا حمدان في العيدين الطواف ببيوت حلتنا بيتا بيتا بلفة عمته الخاصة السرجية وشاله المزركش اللامع على الكتف وابتسامته الهادئة ووداعته.
لاحقا تزوج صديق الصبا أخي التوم منصور أختنا سميرة حمدان اللطيفة كشقيقاتها التي ظلت طوال عمله ممرضا ثم مساعدا طبيا مقتدرا ترافقه في أنحاء المنطقة حيث ربطتهم عشرة متينة بأهلنا حيث كانوا في سائر أنحاء المحس. ولما جاء أخي التوم مغتربا في السعودية عاصرت كيف يحتفي به أبناء مشكيلة ونوري وشرق فاد .. وسعدنفنتي وعقر حيث امتدادهم الأسري مثالا.
بكل هذه الأبعاد المتداخلة فضلا عن صداقة وداد توثقت بين والدي وعمنا حمدان ظللنا نتعامل مع أسرة حمدان بحسبانهم جزءا منا ونحن منهم تواصلا وبشاشة ومحبة.
ذات مرة عدت للسودان بعد غياب 9 سنوات في السعودية والفلبين وخرجت أزور الأهل والمسنين والمرضى في الخرطوم الكرش فيلية بلهفة الشوق وكان بصحبتي أخواي محمد سيد خليل وإلياس عبد الفتاح.
وحينما طرقنا باب منزل المضياف أحمد عبد الرحمن في أمبدة الردمية ونحن نهم بالدخول قلت
السلام عليكم بصوت جهوري
فصاحت من الداخل أختي الأستاذة زينب حمدان وقد عرفتني على التو بنبرة الصوت:
يا سلام
أنور محمدين
مش معقول!
وكانت تجالسها شقيقتها سميرة وكان لقاء الحنية والترحاب والضحكات الرغيدة.
في الٱونة الأخيرة غطتنا سحابة الحزن بل أمطرتنا شلالات الألم تجاه إصابة أختي سميرة بالمرض العضال وبالطبع ظللنا نتابع أشواط العلاج بالسودان ومصر ٱخرها التواصل مع أفراد الأسرة وهم يرابطون في مستشفى ٱسيا بالبقعة حيث ترقد أول من أمس وهكذا حتى وافاها الأجل المحتوم بعد حياة ذاخرة بالطيبة حافلة بحسن العشرة فجر اليوم.
وداعا أختنا الغالية
أنور محمدين