هذه هي تَقدِيمات بأقلام الأستاذ صديق محيسي، والأستاذ الدكتور عثمان أبو زيد، والدكتور الصاوي يوسف لكتاب قديم سيصدر قريبا – إن شاء الله – عن دار المصورات للنشر بعنوان “كتابات ضد الخرافة والاستبداد”، حوَى عدداً من المقالات القصيرة التي نُشِرَتْ في صحيفة “الأحداث” مُنْذُ أكثر من عقد من الزمان.
تقديم الأستاذ / صديق محيسي
يعتبر الباحث بدر الدين حامد الهاشمي واحداً من أفضل الذين مارسوا نشاط الترجمة في السودان، وهي الخصيصة التي ضعفت كثيرا بغياب رواد أمثال هنري رياض سكلا، والجنيد علي عمر وجمال محمد أحمد، ومحمد علي جادين، وعثمان جعفر النصيري، وآخرين لا تسعف الذاكرة عدهم. وطيلة سنوات مضت أثرى الهاشمي الذاكرة السودانية بالعديد من التراجم لكتب ومذكرات ومقالات ووثائق لكتاب وإداريين أجانب منهم من حكموا السودان، ومنهم من كانوا رحّالة قادتهم اليه مغامرات الاكتشاف والمعرفة ولكن في جملتهم أضاءوا جوانب مظلمة في حياتنا كانت خافية علينا، ثم هي في النهاية قراءات لواقعنا بعيون أجنبية فيها الإيجابي وفيها السلبي. غير أن فائدتها الكبرى هي أنها تجعلنا نراجع ما اعتقدنا أنه ثوابت في مسيرة تاريخنا وهو ليس كذلك.
ثمة مناقشات كثيرة دارت بين مثقفين سودانيين طاولت التاريخ خصوصا وطالبت بمراجعته وعدم التسليم فقط بما سجله مؤرخون سودانيون، وبعض منهم يرى أن إهمال الجوانب المظلمة من تاريخنا بسبب أن “الأجانب ” كانوا هم من سجّلوها فيه خداع للذات ومكابرة خادعة.
عموما هذا ما أردت قوله عن دور الباحث الهاشمي فيما سبق الإشارة إليه، وذلك بالكاد ليس مجموعة نصوصه اليوم التي علينا فض محتواها وهوما طلب مني تقديمها للقراء، والمجموعة هي مقالات مختارة كان قد نشرها في صحيفة “الأحداث” في سنوات سابقة، تناولت موضوعات مثل الغشامة السودانية ، والتخلف والاستبداد، والفساد، والغفلة، والتخلف، وهو القعود عن مواكبة العصر، والغفلة أو الغشامة، وهي السذاجة في فهم الأمور علي غير طبيعتها، والاستبداد هو تسلط الحاكم علي شعبه ،والفساد هو محصلة كل ذلك ،على أن الهاشمي، من جانب آخر، مر على موضوعات أخرى على صلة بما ذكرنا، فشملت مقالاته موضوعات مثل سيادة الخرافة كعلاج بول الأبل ،والاختلاف حول فوائد الصمغ العربي، ثم الأهم من كل ذلك قيام بنك الأدمغة التعاوني الدولي في الغرب كإنجاز علمي باهر، وهو بالطبع نقيض للتفكير الخرافي وسبّق للتقدم المعرفي، كما أنه يرى ضرورة التثبت العلمي في الاكتشافات لتأكيد إن المٌكتشف هو حقيقة ثابتة، تخضع لشروط البحث ومن ثم تصبح إضافة جديدة للعلم .
إن ما خرجت به من نصوص الهاشمي هو ارتباطها العضوي بعضها ببعض وإن اختلفت محتوياتها أحيانا، ولكن يظل قاسمها المشترك هو التخلف الذي ينمو ويزداد في تربة الاستبداد، وعلى نحو ما تناولت المقالات نماذج بعينها من الحكام المستبدين في افريقيا كابتلاء تاريخي عانت ولاتزال تعاني منه شعوب القارة. وقدم نماذج مثل الجنرال أبوسانجو، المزدوج الشخصية الذي حكم نيجيريا وكيف خان زوجته مع ضيفة حلت عليهم، وعددت زوجته الحانقة أسماء عشيقات بعلها السابق الأحياء منهن والأموات، وجمعتهن في سخرية بالغة تحت اسم (اسطبل المهور). وتحدثت مقالة أخرى عن ديكتاتور غينيا الاستوائية أوبياف نجوما الذي استولى على السلطة بعد مرور تسعة سنوات على الاستقلال، ونصب نفسه حاكما مطلقا على البلاد. وقد استباح نجوما ثروة البلاد بشراء القصور في جنوب افريقيا والشقق الفاخرة في كاليفورنيا بملايين الدولارات.
اما الحاج عمر بونغو فقد حكم الغابون لاثني وأربعين عاما متصلة. وهو نموذج غريب من الديكتاتوريين في افريقيا، إذ أعدم العشرات من معارضيه دون رحمة، وكان ينتعل أحذية كعوبها عالية جدا لمداراة قصر قامته. أما بوكاسا ديكتاتور أفريقيا الوسطى فقد كان به مس من جنون العظمة جعلته يجلب من فرنسا خيولا بيضاء مطهمة خصيصاً لتجر عربته المذهبة، وغير اسمه من رئيس للبلاد إلى إمبراطور مدى الحياة، ووضع على رأسه تاجا من الذهب الخالص. وفي وقت لاحق أعلن اسلامه على أيدي القذافي فصار اسمه صلاح الدين بوكاسا.
وهناك عيدي أمين الذي كان يستمتع بإلقاء معارضيه لتمزقهم التماسيح وهو يستلقي من الضحك لسماعه صرخاتهم. ولإذلال البيض كان الرجل يجبرهم على حمله في محفة يسيرون بها وسط المدينة حتى مقر رئاسته ليرى الجميع كيف “ينتقم للأمة الأفريقية”!
كانوا هؤلاء الحكام شياطين في جلود آدميين أذاقوا شعوبهم العذاب ما وسع نفوسهم المريضة من لذة القتل والانتقام بينما “البلهارسيا والملاريا وعمَى النهر ومرض النوم وأمراض الديدان بمختلف أنواعها مثل الخيطية والدبوسية والشريطية؛ مازالت تعيث فساداً في أجساد الأفارقة صغارهم وكبارهم.”
وضمت المجموعة أيضا موضوعات سياسية واجتماعية مختلفة، مثل جرائم الاستعمار البريطاني في حق ثوار الماو ماو في كينيا، والتطعيم في افريقيا بين الرفض والقبول، وكذا ولادة التوأم أهي خير أم شر، والصحفي الموسوعة، ومن تاريخ الرق في السودان. ورغم الاختلاف الظاهري في هذه الموضوعات، لكني أرى أن ما علقت عليه من تلك الموضوعات وثيق الصلة بطبيعة الأنظمة الحاكمة، ومن ثم فضلت أن أعطيها أولوية في التأمل والتعليق.
لقد طلب مني الهاشمي أن تكون مقدمة كتابه قصيرة، ولكني لم أستطع إمساك قلمي وأنا اتجول مع نصوص هي في الواقع موضوعات ضد التخلف والخرافة ومع العلم والاستنارة، ولا أعلم إن كنت قد أطلت أم قصّرت.
صديق محيسي. الدوحة
25 أغسطس 2019م
تقديم الأستاذ الدكتور عثمان أبو زيد
ما أن أوغلتُ في قراءة (مقالات صحفية متنوعة) للأستاذ بدر الدين حامد الهاشمي حتى خطر في ذهني أن أسميها (مختارات الهاشمي). عنوان ظريف لكتاب طريف يشتمل على مقالات فيها الكثير من الفائدة والمتعة.
يقدم الكتاب صوراً حية وحكايات مسلية، تنم عن خبرة متكاملة، وفكر متقدم في قضايا الحياة والمجتمع، فيجد فيها القارئ نفسه، ويتقبلها القبول الحسن.
يتميز الكتاب بلغة سليمة وأسلوب جميل، إضافة إلى جودة المحتوى. ويلفت النظر في أسلوب الكاتب؛ الصياغة المتميزة للعناوين، وهذه صناعة لا يحذقها إلا من قضى وقتًا طويلاً في (الديسك) الصحفي. انظر مثلاً إلى عناوين مثل:
ومن الحسد ما قتل!
البعض يفضلها سويسريًا.
أنا في السفر ما ليَّ رغبة… (استعارة من مطلع أغنية شعبية سودانية).
ونرى المؤلف ينتقى شيئًا من الأمثال العربية السائرة يتخذ منه عنوانًا لمقال يسخر فيه من باحث سوداني قال إنه أثبت بالبحث العلمي أن الدخان الذي تمارسه نساء السودان مانع أكيد للأمراض الجنسية. أما المثل فهو: من يسمع يَخَلْ! ومعناه: أن من يسمع الشيء ربما ظن صحته، ومن يسمع أخبار الناس ومعايبهم، يقع في نفسه عليهم المكروه.
يرجع بنا هذا الاستخدام البديع للمثل العربي القديم إلى أبيات للشاعر البحتري يقول فيها:
قالت الشيب بدا، قلت: أجلْ سبق الوقت ضرارًا وعجِل
ومع الشيب على علاته مهلة للَهو حينًا والغزل
خُيَلت أن التصابي خرق بعد خمسين، ومن يسمع يَخَل
هذا عن الأسلوب واللغة، فماذا عن محتوى الكتاب؟
يبدو لي أن أهمية الكتاب ليس في مادته، إذ ربما كانت الموضوعات مطروقة من قبل، لكن طريقة التناول والآراء الناضجة هي التي تمنح مادة الكتاب قوتها وأهميتها.
فمثلاً عندما يناقش قضية (تأديب التلاميذ في المدارس) يتوصل بمقدمات منطقية إلى ضرورة منع الضرب في المدارس. وهذه نتيجة سائغة تتسق مع أحدث نتائج البحوث التربوية، ويتفق مع التعليمات الدينية، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يضرب إلا في قتال. ولم يؤدب عليه السلام قط بالضرب لا في التعليم ولا في غيره.
ثمة قضية تربوية في غاية الأهمية تطرق إليها الكاتب، وهي استغلال الأطفال في السياسة، ويتذكر يوم كان في مدرسة حي عبد المنعم الأولية يهتف: “نحن وراك يا عبود”، ثم لما جاءت هبة الشعب على الرئيس عبود (وهو في المدرسة الأميرية الوسطى) خرجوا في المظاهرات يهتفون ضد الحكم العسكري البائد.
أي انفصام نفسي يمكن أن يصيب أطفالنا حين يكون مثل هذا الاستغلال البشع؟ ومن أسف أن الاستغلال تطور من مجرد إخراج الأطفال في المظاهرات إلى تحريضهم على العنف، بل على حمل السلاح في الحروب!
ما نريده لأطفالنا هو التربية الوطنية والتربية الدينية بعيدًا عن تجنيدهم للجماعات المتصارعة، ولكن حدث هذا الاستغلال حتى نشأ عندنا انقسام خطير داخل المجتمع الواحد.
ومن المفارقات في الكتاب أن المؤلف يتناول بالتحليل والتمحيص ختان الذكور، مع أن الموضوع الأثير في إعلامنا وصحافتنا هو ختان البنات، وربما أن ختان البنات لم يعد جذابًا لقراء الصحف على الرغم من أن الجدل حوله لم يحسم بنتيجة نهائية!
لقد وجدتُ ضالتي حين قرأت (دراسة علمية حول التغطية الصحفية لقضية المحاليل الوريدية الهندية). وموضوع المحاليل الوريدية مما انشغلت به الصحافة السودانية مدة ثلاث سنوات في التسعينيات الميلادية، وانشغل به المجتمع كله. وأصابني ما أصاب الناس من حيرة اضطراب لتضارب الآراء حول محاليل (كور الهندية)، فمن قائل إنها صحية وغير ملوثة، ومن قائل: إنها ملوثة وغير صحية وتسببت في وفاة الكثير من المرضى.
وأذكر أنني دعوت إلى ندوة لمناقشة هذه القضية، وقد كنت أمينًا عامًا لمجلس الصحافة، وأقيمت الندوة بالتعاون مع المجلس الطبي السوداني. وعلى الرغم من أن مختصين في الطب والصيدلة ومسؤولين في وزارة الصحة قد تحدثوا وأفاضوا في القضية، إلا أنني خرجت من الندوة أكثر حيرة وبلبلة.
وزادتني تلك الندوة يقينًا بأن قضايا الصحة والمرض مما ينبغي أن نضع له منهج خاصًا في الصحافة والإعلام. أما الحكمة التي اهتديت إليها فهي أن تعارض المصالح يفضي إلى مثل تلك البلبلة التي وقعنا فيها، وإلا كيف تفسر أن صحيفة ما تقول اليوم إن هذه المحاليل نظيفة وصحية، ثم ترد على نفسها في الغد لتقول إنها خطيرة وملوثة!
وحينما تتناول الصحافة قضية من القضايا ثم لا تقف في الحياد وتتبنى معارك الآخرين القائمة على تعارض المصالح، فالنتيجة أن يقع الرأي العام في الحيرة والبلبلة، ويقع المسؤولون أنفسهم في حالة الشك وعدم اليقين.
ولا أستطرد في الإشارة إلى محتوى هذا الكتاب، بل أكتفي بهذا القدر. فمن الخير ألا أحول بين القارئ وبين الكتاب، وألا أفسد عليه متعة الاكتشاف، وكما يقول أهلنا في السودان: “سمح الكلام في خَشٌمْ سِيدُه”… والخشم عندنا هو الفم وليس المنخِر!
خالص التقدير للمؤلف الذي ظل يرفد المكتبة العربية بمؤلفاته في ترجمة مقالات قيمة في تاريخ السودان، وها هو اليوم يقدم إضافة غنية استلهمها من خبرته في الحياة وتمرسه بالأحياء.
ونسأل الله تعالى أن يمده بالعون والتأييد لنرى منه المزيد والمفيد.
د. عثمان أبوزيد عثمان
مكة المكرمة. سبتمبر 2019م
تقديم الدكتور الصاوي يوسف
عرف الناس البروفسير بدر الدين حامد الهاشمي، أستاذ علم الأدوية في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، كمترجم حاذق مدقق وغزير الانتاج. ومن ترجماته الشهيرة: سلسلة تأريخية بعنوان: “السودان بعيون غربية”، نشر منها حتى الآن أثني عشر جزءًا، قام فيها بجمع عدد كبير من الكتابات الغربية عن تأريخ السودان. ونشر أيضا ترجمة لثلاث من روايات الكاتبة الروائية ليلى أبو العلا، ورواية “الطليعي الأسود” لإدوارد عطية، وكتاب “المهدية بعيون غربية”، وكتاب بروفيسور روبرت كرامر عن تاريخ نشأة مدينة أم درمان المعنون: “مدينة مقدسة على النيل”، وكتاب الإداري البريطاني هنري جاكسون عن “عثمان دقنة”. كما ترجم أربعة كتب علمية جامعية، وغيرها الكثير.
ولكن الهاشمي هو عالم وباحث قبل أن يكون مترجما، وقد أنفق من عمره في البحث العلمي والتدريس نحو أربعين عاما. نشر خلالها أوراقا علمية هامة تتناول مجال تخصصه في علم الأدوية، والآثار الدوائية للكثير من المركبات والمستخلصات النباتية وغيرها، وقد يهم القارئ غير المتخصص منها تلك الأبحاث التجريبية المتعلقة بآثار دخان الشيشة على أعضاء الجسم المختلفة، أو أثر الصمغ العربي في وظائف الكلى، وآثار برومات البوتاسيوم المستخدم في تحسين الخبز، وغيرها. وقد أحصيت لبروفيسور الهاشمي – بالاشتراك مع آخرين – في موقع PubMed، وهو أحد المواقع الأمريكية المتخصصة في فهرسة البحوث الطبية، عدداً كبيرا من البحوث المنشورة مجلات علمية عالمية محكمة، يزيد كثيرا عن مجموع انتاج عشرة من أكبر الباحثين و”البروفسورات” ببعض البلدان في زماننا هذا.
وما يميز هذه المجموعة من المقالات، التي نُشِرَتْ متفرقة في بعض الصحف والمواقع الإسفيرية من قبل، أنها ليست ترجمات لمقالات كتبها آخرون، بل هي في الغالب مقالات متنوعة أصيلة للكاتب نفسه. وما يميزها أيضا أنها ليست كالمقالات الصحفية التي اِعْتَدْنَا عليها في بلادنا وصحفنا، حيث يهرف الكاتب بما يعرف وما لا يعرف، وإنما هي في الحقيقة “مقالات مسنودة بالبراهين” إذا صح لنا أن نستلف هذا التعبير العلمي. فالكاتب يتناول القضية المعنية مستندا غالبا إلى بحث علمي منشور، ثم يعلق عليه بناءً على خبراته الواسعة ومعارفه المتعددة وقدراته البحثية العالية. وهو حتى حين يبدي رأيه الشخصي الخاص، تجده رأيا مطبوعا بطابع العلماء وتواضعهم ودقتهم، فهو يقول للقارئ إن الأمر عليه خلاف، أو أن هذا رأي “شخصي الضعيف” أو أن الموضوع بحاجة للمزيد من البحث، أو أن هناك وجهات نظر أخرى، يبرزها بكل أمانة ويعلق عليها.
لقد اكتشفت في هذه السلسلة من المقالات، كاتبا صحفيا ممتعا وطريفا ومفيدا في نفس الوقت. تعددت المواضيع التي تناولها من التاريخ (موضوعه الأثير) والعلوم والطب وحتى السياسة والموسيقى وغيرها. فمن الموضوعات الممتعة موضوع السمنة في مجتمعنا، وخطيب الجمعة الذي يفتي في الطب بلا معرفة، وغيره ممن يظهرون في التلفزيون ويزعمون أن ألبان الإبل وأبوالها تعالج كل شيء حتى السرطان، وموضوعات طريفة مثل نادي محبي كبدة العجل في أمريكا، وأثر قصر القامة على الرجال، وخلاف الرئيس النيجيري الأسبق أوبوسانجو مع زوجته، ولم يهمل الكاتب كما هو متوقع موضوعات التأريخ، فكتب عن الزبير باشا وباتريس لوممبا وملك مالي منسا موسى وغيرهم، وخصص عددا من المقالات لأفريقيا وقضايا “الاستعمار” والحكم الوطني الذي تلاه، وموضوع المعونات والإيدز وغيرها.
ولكن أكثر ما أثارني وشد انتباهي مقال عن فظائع الاحتلال البريطاني في مناطق قبائل الماو ماو في كينيا (لا أميل لاستخدام عبارة الاستعمار لأن استخدامها الأصلي في القرآن يشير إلى معنى عمارة الأرض وتعميرها وليس إلى الاحتلال). لقد أورد الكاتب من أنواع تلك الفظائع ما ينبغي ألا ينساه التأريخ أبدا، وأن يجعل البريطانيين يخجلون من ذلك إلى الأبد، وألا يعايروا أحدا بانتهاكه لحقوق الإنسان، وهو ما برعوا في استخدامه مؤخرا ضد بلدان العالم الأقل تطورا خاصة في أفريقيا.
لا أريد أن أطيل في استعراض تلك المقالات، لكني أعد القارئ بأنه سيجد فيها متعة وفائدة بل فوائد متعددة، لن يجدها في غالب الكتابات الصحفية من النوع السائر عندنا هذه الأيام، ففيها العلم والفن والأدب والتأريخ والتسلية والدهشة والطرافة والتنوع. ولتكن هذه المقالات نموذجا يحتذى لكتابنا ومؤلفينا، ولتكن مادة تُدْرَسُ في كليات الاعلام، لكيفية الكتابة العلمية، والكتابة التاريخية، والترجمة، ومقالات “الاستراحة” التي تنشر في الصفحة الأخيرة، وغيرها من فنون المقال الصحفي الجاذب.
أشكر للكاتب أن أتاح لي كتابة هذه المقدمة القصيرة، لأنال شرف اِقْتِران اسمي باسمه
وبعنوان أحد مؤلفاته.
دكتور الصاوي يوسف
الطائف – يوليو 2019م
alibadreldin@hotmail.com