ظاهرة غريبة تسيطر علي إيقاع الأحداث والاخبار تضج بها وسائل الإعلام والأسافير فترة قصيرة، لتختفي الوقائع، وتنقطع متابعتها، وسريعاً تنطوي صحائفها، وتذهب إلى دوامة النسيان.
كنا قد سمعنا عن مثلث برمودا، وقرأنا أنه منطقة في المحيط الهادي تختفي عندها السفن والطائرات وكل الكائنات التي تقترب منه، ولكننا اكتشفنا أن هناك مثلث برمودا هنا في السودان يبتلع الأحداث والوقائع والأخبار المهمة، فتذهب آمال الناس وأحلامهم أدراج الرياح، ولايجرؤ أحد ليسأل، أو تصيبه لوثة السؤال الذي لايجيب عنه أحد كسؤال الفاتح يوسف جبرا: ماذا فعل الله بقضية خط هيثرو؟
وللحقيقة لقد ظل السؤال معلقاً ليس في قضية الخطوط الجوية السودانية، وإنما في أحداث وقضايا وأخبار… ابتداءً بمشروع ترعتي كنانة والرهد، ومرورا بحلايب وشلاتين، وتعويضات ملاك مشروع الجزيرة، والخطوط البحرية، وانتهاءً بالمليون سائح صيني.. لاندري كم وصل منهم، أو من الذي رفض فكرة السياحة أو الاستقرار في السودان؟
لقد عجزت وسائل الإعلام والصحافة السودانية عن ممارسة أهم أركان الأداء الإخباري وهو (المتابعة).. فاكتفت بنشر الأخبار الخطيرة والمثيرة من دون ملاحقة المصادر ومتابعة الخبر، حتي وهو في سوح القضاء وأمام المحاكم؛ لأن الوصول اإي النهايات صفة من صفات النجاح، نعجز نحن دائما في إنجازه كما هو حالنا الآن.
وسائل الإعلام السودانية، وعلي رأسها الصحافة ذات تاريخ ناصع وأداء لاينكره إلا مكابر. وقد كانت إدارة الاخبار يديرها حاذقون لهم قدرات عالية، وإحساس بالمسؤولية، ولهم من النباهة مايجعلهم يرصدون الأخبار، وهي جنين مختبئ في عقل الحكومة والمؤسسات.
كانوا أصحاب حدس وعزم وإصرار علي المتابعة، فما كانوا يسمحون للأحداث والأخبار المهمة أن تختفي أو تموت بلا مبرر.
كانت للاخبار بداية ونهاية؛ ولذا كانت الصحافة شديدة الحزم، وتجبر مصادر الأخبار وصناع الأحداث على التجاوب، وتمنعها من اصطناع النسيان، وقفل الملفات من دون الإجابة عن الأسباب .
هناك العشرات إن لم تكن المئات من الأحداث والأخبار المختفية أو المعلقة، وهي أخبار أو وقائع لها تأثيرها المباشر في أحوال الناس، واستقرار الوطن، وحماية العدل والقانون، بل إصلاح الدولة، ومنع الجرائم، ومواجهة الظواهر المدمرةكالأمراض الخطيرة كالسرطانات، وانتشار المخدرات، والاغتصابات، والاختلاسات، والتزوير،.وغيرها من القضايا الكثيرة والخطيرة.