احتفلت المملكة العربية السعودية يوم 23 سبتمبر الجاري بذكرى يومها الوطني الثاني والتسعين، التي تمثل ذكرى عزيزة على نفس كل مواطن سعودي، إذ استطاع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه- توحيد الجزيرة العربية بعد أن مزقتها الحروب والصراعات، وسببت تهديدًا لأمن الحرمين الشريفين، وزوراهما، وحجاج بيت الله الحرام، ليصبح هذا اليوم لا احتفالاً سعوديًّأ فحسب، وإنما احتفالاً إسلاميّاً، بعد أن بسط الملك المؤسس الأمن والاستقرار على ربوع البلاد، ووضع أساس دولة مهيبة الجانب، متجاوزًا تحديات جسيمة في بحر السياسة المتلاطم في العالم، الذي مرّت عليه حربان عالميتان، خلفتا خسائر في الأرواح ومقومات الحياة.
كانت الحرب العالمية الأولى، والملك عبدالعزيز يتلمس طريقه لاستكمال البناء في ظروف بالغة التعقيد، قبل أن يعلن عن دولته الفتية في عام 1932م، بينما جاءت الحرب الثانية، والدولة لا تزال في سنواتها الأولى، والعالم تتشكّل فيه قوى جديدة، بينما بدأت الشمس في الغروب عن إمبراطوريات سادت.
استطاع الملك عبدالعزيز بفطنته وقدراته القيادية أن يجمع الصفوف، ويتجاوز سنوات الفرقة والشتات لتأسيس دولة فتية لها خصوصيتها، واستقلاليتها، وأسسها الراسخة، التي أسهمت في اكتسابها المناعة ضد عوادي الزمن، وكيد الأعداء، وألاعيب ساس يسوس، وليعلي أبناؤه -رحمهم الله- من بعده البنيان، ليكتسب في كل عهد متانة ورسوخًا، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- الذي أطلقت فيه المملكة رؤيتها للمستقبل، وترجمتها واقعًا، بمتابعة دقيقة وهمة عالية من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حتى أصبح الإحساس بالإنجاز ملموسًا في كل يوم، في شتى مجالات الحياة، ومصدرًا للدهشة والإعجاب.
إنَّ شلالات الفرح التي تشهدها مناطق المملكة في اليوم الوطني هي تجسيد لروح الانتماء التي تسري في وجدان المواطنين السعوديين، وإحساسهم بالزهو والفخر ببلدهم، وما مشاركة المقيمين لهم هذا الفرح إلا تعبير عن الامتنان لبلد رحب بهم، وهيأ لهم سبل الحياة الكريمة.
ونحن أبناء السودان ظللنا نردد أنَّ المملكة أتاحت لنا المجال لنمارس عاداتنا وتقاليدنا وأنشطتنا الاجتماعية والثقافية والرياضية كما لو أننا في السودان، وهذا ما هيأ مزيدًا من التواصل مع أبناء الشعب السعودي المضياف، وحقق كثيرًا من الروابط المتينة، التي تعمق العلاقات التاريخية الأزلية، وتسهم في استمراريتها، وتجذرها.
إننا إذ نهنىء المملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا بيومها الوطني، لندعو الله سبحانه وتعالى أن يعيد هذه المناسبة في كل عام، وهي أكثر منعة، وأرسخ مكانة، وقد تحققت كل ما تضمنته رؤيتها من تطلعات وطموحات، لتصبح في موقع القيادة والريادة في عالم لا مكان فيه إلا لذوي الهمم العالية الذين يترجمون الرؤى إلى أعمال تبقى ويعيشها الناس، ويستفيدون منها في واقع حياتهم.
كل عام والمملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا في أمن وأمان واستقرار ونماء.