استضاف منبر ساس الحقوقي بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم مجموعة من خبراء التأمين والقانون وبعض القيادات العمالية وعدداً من الإعلاميين في طاولة نقاش حول التهرب الضريبي بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية،.
أكد عدد من الخبراء وجود مخالفات أساسية في تطبيق المظلة الضريبية على العاملين بواسطة عدد لا يستهان به من أصحاب العمل؛ مشيرين إلى أنّ إلغاء الحجز على أموال أصحاب العمل المخالفين لتطبيق القانون في العام ٢٠١٦م رفع نسبة التهرب التأميني، وطالبوا برد عقوبة التأمين، و بإنزال عقوبات رادعة على أصحاب العمل المتهربين تامينياً من سداد دفع اشتراكات العمال المؤمن عليهم لدى الصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الاجتماعية.
أشار الخبراء إلى أن إلغاء مادة حجز أموال وأرصدة أصحاب العمل المخالفين والابقاء على عقوبة الغرامة التي تبلغ 4٪ ضعيفة ولا تردع اصحاب العمل، وطالبوا بتشديد العقوبات علي المتهربين، وتوسيع دائرة الحماية الاجتماعية للمؤمن عليهم ، بجانب إنشاء نيابة متخصصة لقضايا التهرب التأميني إسوة بنيابة التهرب الضريبي، واصفين التهرب التأميني بأنه جريمة، وأدى إلى ضياع حقوق المؤمن عليهم.
وقال الخبير التأميني والمدير الأسبق للمركز العربي للتأمينات الاجتماعية والصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الاجتماعية د. خالد محمد يس إن التهرب التأميني أصبح ثقافة وسط عديد من أصحاب العمل السودانيين؛ مما يؤدي إلى ضياع حقوق كثير من العمال نتيجة لتهرب أصحاب العمل من سداد ما عليهم من اشتراكات للتأمينات الاجتماعية، وإن الحاجة الآن ملحة لمكافحة التهرب التأميني من خلال زيادة الوعي التأميني بين العاملين بحقوقهم، مشيراً إلى ان مكافحة التهرب تحتاج إلى تفعيل آليات الحماية الاجتماعية.
وأضاف يس أن هناك عدداً كبيراً من العاملين غير مسجلين، وأن هناك مؤسسات كبيرة لم تدخل منسوبيها في التأمينات الاجتماعية؛ وذلك بسبب الاستثناءات، وأن اتحاد أصحاب العمل مارس ضغوطاً لإلغاء مادةالحجز الإداري، وتمكن من ذلك، وأكد أن القانون نص على الجزاءات بشأن عدد من المخالفات ليس من بينها التهرب التأميني، وزاد أن التهريب ينتج عنه آثار سالبة تضر بحقوق العمال، وان هناك عدداً كبيراً من العاملين غير مسجلين في التأمينات من خلال قيام أصحاب العمل بتحديد سقف عدد العاملين بأقل من العدد المنصوص عليه في القانون كسقف لاشتراك المنشأة، وزاد بالقول إن اموال التأمين لا تتقادم أو تسقط، ويمكن للأسرة أن تاخذ حقها من المعاش، وتستفيد منه.
وأكدت سلوى ابسام المحامية و المدير التنفيذي لمركز ساس الحقوقي أن المركز درج علي تنظيم الورش القانونية لزيادة المعرفة القانونية، ومناقشة كل ما يطرح في الساحة من موضوعات مختلفة خاصة مناقشات آليات الحماية، وقضايا الحريات الصحفية، والدفاع عن المبادئ الديمقراطية، مشيرة إلى أن منبر التهرب التأميني من القضايا الأساسية التي تحتاج إلى تسليط الضو عليها، بخاصة أن قضايا العاملين ومشاكلهم مع أصحاب العمل أصبحت سمة ملازمة للمحاكم؛ مما يهدر كثيراً من الوقت والجهد والمال، واضافت: اردنا الجلوس مع خبراء التأمينات الاجتماعية والقانونيين للوصول إلى فهم مشترك.
وفي السياق ذاته،قال الخبير النقابي محمد علي خوجلي إن التهرب الضريبي تمارسه إدارة الدولة التنفيذية، وإن الحد الأدنى لمعاشات الصندوق لم بتجاوز ال ١١_١٢ ألف جنيه، لافتاً إلى ضعف المركز المالي للصندوق الوطني للمعاشات والتأمينات الإجتماعية في الايفاء بسداد المومن عليهم؛ مطالباً بزيادة استحقاقات المعاشات.
وقال خوجلي إن هنالك تهرباً تأمينياً على مستوى القطاع العام، مشيرا إلى عدم تضمين المتعاونين بالمؤسسات الحكومية بقانوني التامينات والمعاشات.
ونوه إلى أن هنالك عمالاً موقعين عقودات وعمال اليومية لا يدعون إلى التأمين الاجتماعيـ ولاياخذون التامين، وأرجع ذلك لتأخر دور الوعي التأميني لدى العمال ولضغف الرقابة، مشدداً على ضرورة التوعية للعاملين بالتأمين أولاً، ثم العمال بالقطاعات المختلفة.
وتحدث المستشار البشري عبدالحميد موضحاً أن القوانين ذات الصلة بالعاملين وحقوقهم، وهي حزمة من القوانين، التى تشمل قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية وقانون النقابات وقانون المعاشات، وكل القوانين ذات الصلة بالعاملين، وحقوقهم عفا عليها الزمن، ويجب مراجعتها جميعاً لمواكبة التطورات في ظل ثورة ديسمبر المجيدة؛ مضيفاً أن حركة تطور الأعمال والاقتصاد والتنمية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقوانين والحوكمة .
وأشار إلى ضرورة تفعيل إدارة الثقافة العمالية وإدارة التفتيش بوزارة العمل للقيام بالدور المناط بهما في الثقيف والرقابة والمتابعة، وأن هذه الادارات كانت تعمل في عهود قبل نظام يونيو ١٩٨٩م بفعالية، وأوصى بضرورة المراجعة الشاملة لكل القوانيين، مؤكداً ضرورة أن يشمل الدستور في باب الحقوق ما يضمن حماية حقوق العاملين بوصفهم اساس التنمية والبناء وحماة للديمقراطية، وان الوثيقة الدستورية الحالية وكذلك مسودة مشروع الدستور المعد من لجنة تسيير المحامين لم تنص على هذا الحق.
وقد خرج اللقاء بمجموعة من التوصيات الخاصة بتطوير القوانين وحماية حقوق العاملين، وكذلك أهمية استقلالية الصندوق؛ ليكون صندوقاً استثمارياً، ويكون فىه دور واضح للعاملين المستفيدين من التغطية التامينية.