تاريخ الثورات يعلمنا بان هنالك اربعة خيارات للثورة السودانية، انحياز القوات المسلحة للجماهير وعزلها لقادة الانقلاب، حمل الجماهير للسلاح واحتلالها لمقار السلطة وقتل أو طرد قادة الانقلاب كما حدث في ليبيا، التسوية السلسة ( الهبوط الناعم ) عن طريق التسليم والتسلم كما حدث في جنوب افريقيا بقيادة مانديلا، هروب قادة الانقلاب امام ضغط الجماهير كما حدث في تونس بهروب بن علي.
في الثورات السودانية الثلاث اكتوبر وابريل وديسمبر، جرب السودانيون خيارا واحدا فقط من بين الخيارات الاربع، وهو خيار انحياز القوات المسلحة للجماهير الثائرة وعزلها لقادة النظام. وليس خفيا ان فئة واسعة من الجماهير قد كفرت الان بهذا الخيار بعد عودة الانقلابات بسرعة للاطاحة بحكومات الثورة وبالديمقراطيات التي ولدت عنها.
من المفارقات ان بعض التيارات السياسية تهاجم الهبوط الناعم كخيار لنهاية الثورة، مع ان السودانيين لم يجربوا هذا الهبوط الناعم طوال تاريخهم الثوري، لذلك يجب الاستغراب من هذا الهجوم على شيء لم يجربه السودان ولا يعلم الشعب حسنه من قبحه!!!.
بما ان بعض التيارات الثورية قد كفرت بالطريقة التاريخية لنهايات الثورة في السودان والتي تعتمد على انحياز الجيش للجماهير وعزله لقادة السلطة، فان الخيارات أمام هذه التيارات اصبحت ثلاثة هي: الهبوط الناعم، التغيير بالسلاح، الضغط لحين هروب قادة الانقلاب، فأي خيار تختار هذه التيارات؟!!!.
يجادل بعض علماء السياسة من حول العالم بأن للثورة لحظة حرجة اذا تم الوصول إليها فيجب انتهاز الفرصة وطرح تسوية تنقل البلاد نحو التغيير الجديد، ويعتبرون ان هذا التحول الحرج هو اقل الخيارات تكلفة وافضلها في النتائج.
اذا أردنا ان نكيف هذا الطرح مع واقع الثورة السودانية، فيجب ان نصوره بقيام الجماهير بالضغط عبر المظاهرات والاضرابات والاعتصامات حتى وصول الثورة للحظة معينة تطرح فيه قيادة الجماهير عرضها للحل.
هذا الطرح هو الهبوط الناعم، والذي تتم فيه التسوية عبر حوار مباشر أو غير مباشر بين قادة الثورة وقادة الانقلاب وينتهي باتفاق لتسليم السلطة للجماهير الثائرة وتنحي السلطة المسيطرة.
هذا الخيار مازال هو الخيار الممكن والأقرب إضافة إلى خيار انحياز الجيش، بينما خيار حمل السلاح والدخول في حرب مباشرة مع سلطة الانقلاب حتى عزلها، فهذا خيار غبي جدا، فالحرب لا يعلم احد كيف ومتى ولمصلحة من تنتهي، ودونكم الحرب في سوريا واليمن.
بقى الخيار الرابع وهو الضغط الجماهيري المستمر على السلطة لحين وصول الضغط لمرحلة لا يجد معها قادة الانقلاب خيارا غير الهروب من السودان، وموضوعيا فان هذا الخيار يتطلب وقوف الجيش والاجهزة الأمنية على الحياد وعدم تدخلها لمصلحة قادة الانقلاب.
هل هناك خيارات اخرى لنهاية الثورة؟ ربما، ولكن الخيارات الأربعة اعلاه هي اكثر الخيارات التي انتهت إليها الثورات حول العالم.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com