في غمرة الاستعدادات الكبيرة والمتلاحقة التي تقوم بها دولة قطر، بمناسبة الحدث العالم الكبير وهو استضافة منافسات كأس العالم( الدوحة 2022)..جاءت عروض مسرحية ( سكج بكج) للفنان المسرحي السوداني الكبير محمد السني دفع الله..كنسمة هواء باردة تعطر صيف الدوحة وتضئ فضائها بهذا الفن الجميل، مما اتاح الفرصة للأسرة السودانية والجاليات العربية من المشاهدة والاستمتاع بمشاهدة المسرح السوداني في نسخته الحديثة بعد رحلته الطويلة في دروب الإبداع منذ البدايات مع الرواد أمثال الشيخ بابكر بدري عام (1907) مرورا بخالد أبوالروس والفاضل سعيد وصولا الي جيل السبعينات والثمانينات وكان محمد السني دفع الله
أبرزهم..الذي قدم الدوحة في منتصف تسعينات القرن الماضي بعد أن تركز رصيدا متميزا من العمل المسرحي لا الجمهور السوداني يتذكره..
وبعد وصوله الدوحة والعمل فيها..ظل وفيا لفنه وابداعه ومشاركا في عدد كبير من الأعمال الفنية القطرية بلغ عددها نحو 12 عملا في الدراما القطرية. ولكنه لم ينس تراثه وابداعات بلده..فقام بانتاج نحو 15 عملا مسرحيا كان أبرزها مسرحية ( عرس الزين) للطيب صالح و( تاجوج) وغيرها من المسرحيات وبممثلين شباب من الهواة الموهوبين.
ولعل أبرز أعمال هذا الفنان العظيم هو اسهامه في انشاء استديو فني متعدد النشاطات وهو ( استيديو سودانوي للفنون) الذي يضم عدة مجالات منها(استيديو أمل للأطفال الصم) و( استيديو الفن التشكيلي ) و( استيديو التلفيزيون) وكلها مسخرة ومتاحة أمام المواهب الشابة من المقيمين السودانيين بالدوحة..
ومنذ أن تولي الفنان السني إدارة المركز الثقافي بالدوحة..حتي دب النشاط في هذا المركز وأصبح قبلة لكل السودانيين بدولة قطر علي اختلاف ثقافاتهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية ومناطق سكنهم في السودان..وكان من ثمرات هذا المركز إنتاجه لهذه المسرحية وعرضها علي خشبة مسرح الكشافة القطرية بالدوحة، حيث استمر عرضها لمدة تسعة عروض متواصلة ، وتلك حالة نادرة في عرض المسرحيات للجاليات الأجنبية والعربية وحتي القطرية…أضف الي ذلك الإقبال الكبير الذي حظيت به المسرحية خاصة من الأسر السودانية واطفالها بجانب بقية الأسر والأطفال من الجاليات العربية.
المسرحية، من تأليف المسرحي السوداني الراحل جعفر سعيد الريح، وإخراج الفنان الشاب المتميز خلف الله أمين…وكان لوجود الفنان القدير محمد السني دفع الله مشاركا في التمثيل وقيامه بوظيفة ودور الدراماتورج
أثره الواضح في نجاح العمل حيث وظف كل مهاراته وخبراته لصالح العمل مما ساعد ايضا في صناعة العرض المسرحي وظهوره بتلك الصورة المشرفة بما يتناسب وجمهور المسرح الحديث وهو يربط لهم لعبة شعبية للأطفال من الألعاب التي اندثرت تقريبا…مع خيال علمي حديث يرتاد الفضاء..وتلك هي مهارة ونجاح المسرحي المبدع وقد نجح السني في ذلك بطريقة مذهلة.
أعود واقول..لقد عطرت مسرحية ( سكج بكج)السودانية..فضاء الدوحة القطرية خلال أيام عروضها المتألقة ، وأضاءت لياليها الجميلة بمزيد من الفرح والبهجة وهي تتزين لاستقبال ضيوفها في المندال العالمي الذي لم تبق منه إلا أيام قلائل لانطلاقه…وكأنما هي مشاركة من الجالية السودانية بالدوحة في عرس الدوحة الكبير بطريقة المسرحيين حينما يبدعون…
ولعل من السنوغرافيا المتميزة والمعبرة التي صاحبت عروض المسرحية ..وجود منطقة الابراج في منطقة كورنيش الدوحة ويوجد في وسطها( برج الفاتح) المبني الشهير الذي يميز منطقة الخرطوم ..وفي ذلك دلالة فنية رائعة لما يربط الشعبين السوداني والقطري من وشائج الصلة والمحبة بين البلدين.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com