عام مضى منذ الانقلاب المشؤوم ولم يفعل الانقلابيون شيئا سوى الفشل والعجز والخيبة تلو الخيبة وقتل المواطنين وتجويعهم وتشريدهم. فشلوا في كل شئ. في إدارة شؤون الدولة، في السياسة، في الاقتصاد، في حل المشاكل القبلية، في تحقيق السلام، في تطبيق اتفاق جوبا للسلام الذي اشرفوا عليه وهندسوه من الالف الى الياء، في فك العزلة الدولية رغم استنادهم على قوى اقليمية مؤثرة جدا. فشلوا حتى في تحقيق الامن للمواطنين ومكافحة الجريمة والمجرمين رغم الجيوش المتعددة والقوة العسكرية الهائلة التي في ايديهم وانفاق كل ايرادات الدولة على الأجهزة الامنية، وسيطرتهم على كل شئ !
إعتقدوا أن إدارة الدولة أمر سهل لا يتطلب سوى القوة والاستعانة ببعض الانتهازيين والفلول والفاشلين، فاستولوا على السلطة بقوة السلاح ولكنهم اكتشفوا منذ اللحظة الاولى الخطأ الجسيم الذي ارتكبوه فلجأوا الى رئيس الوزراء الذي اعتقلوه وعزلوه من منصبه لعله ينقذهم من وكستهم ولكنه تركهم بعد ايام قليلة وذهب، فغرقوا في المشاكل والازمات وبحور الدماء التي يسفكونها كل يوم والكراهية التي تقابلهم في كل مكان داخل وخارج البلاد حتى لدى اسيادهم الذين صاروا يتهربون ويتملصون منهم بعدما اكتشفوا ضعفهم وعجزهم وهوانهم !
ليس هنالك مربع واحد من السودان ليست فيه مشكلة، انعدام الكهرباء، انقطاع المياه، مجازر وحروب قبلية يُقتل فيها كل حين المئات ويتفاخر القتلة بنشر فيديوهات القتل والانتقام والسلطة عاجزة عن فعل شئ رغم القوة الهائلة التى تملكها والاموال الضخمة المبددة عليها، قيادات قبلية تخرج في وسائل التواصل الاجتماعي تهدد وتنذر بسبب سياسات التفرقة والتمييز التي تطبقها الطغمة العسكرية بين المواطنين!
مجرمون في كل مكان يروعون المواطنين وينهبون ويسرقون والشرطة تصدر البيانات الهزلية عن نجاحها في مكافحة الجريمة ولا يدري احد عن اي جرائم تتحدث، كما تتحول الى مشرِّع وتلزم المواطنين بتسليم رخصة القيادة عندما يطلبها الشرطي، بدلا عن (إبراز) الرخصة كما كما كان معمولا به في السابق ، بدون أن يفهم أحد ماذا تعني كلمة (تسليم) هل هى (سحب) الرخصة التي يجب ألا تُسحب إلا بأمر أو حكم قضائي، أم إبراز فقط، مما يمكن أن يثير الجدل والمشاكل بين أفراد الشرطة وسائقي العربات ويفتح الباب لمفاسد جديدة، ومن أعطاها الحق في تغيير الكلمة من (إبراز) الى (تسليم)، بالاضافة الى إعادة شرطة النظام العام سيئة السمعة تحت مسمى جديد هو أمن المجتمع في انتظار الفرصة المناسبة لإستئناف مطاردة النساء والفتيات في الشوارع والميادين، فضلا عن استمرار جرائم القمع ضد المتظاهرين السلميين بينما يهنأ المجرمون بالأمن والامان والإطمئنان في ممارسة الجريمة وترويع المواطنين !
مجاعة وغلاء فاحش وضرائب باهظة واتاوات وارتفاع اسعار واسواق منفلتة في كل مكان، مستشفيات بلا ميزانيات ولا ادوية ولا مستلزمات طبية ومرتبات هزيلة، يدخلها الناس للعلاج فيخرجون منها محمولين على الاعناق، صيدليات خالية الارفف وإذا وجد الناس الدواء استحال عليهم الشراء بسبب الاسعار الباهظة التي يشق ثمنها على الاغنياء دعك من الفقراء. شوارع عبارة عن اخاديد، نفايات في كل مكان مجاري طافحة وروائح تهرب منها الخفافيش.
إضرابات مهنية كل يوم، اطباء على مهندسين على محاسبين على تجار، على عمال نظافة على منظمات لاجئين. مصالح حكومية ومؤسسات فاشلة وعاجزة عن فعل شئ، جامعات بدون مجالس إدارات منذ القرار الغريب لرأس السلطة الانقلابية بحلها الذي أنكرته الأمانة العامة لمجلس السيادة الانقلابي، وهى عاجزة عن دفع مرتبات العاملين وعلى رأسها أكبر واعرق جامعة في البلاد فتلجأ الى الاستدانة من البنوك ولا يعرف أحد ما هى الشروط، ومن أين تأتي بالمال لتسديد القروض أم انها ستعرض معاملها ومختبراتها وقاعات محاضراتها للبيع؟!
الدولة بلا حكومة منذ عام كامل والسلطة الانقلابية لا تفعل شيئا سوى القتل واحتكار ثروات البلاد، والفلول وجماعة الموز يعبثون كما يريدون، والانتهازيون الفاشلون يتقلدون المناصب ويتمتعون بالمرتبات والامتيازات الضخمة ولا يفعلون شيئا سوى السرقة والنهب والتطبيل للانقلابيين الفاشلين، وجيوش وحركات عسكرية في كل مكان وزمان، فلماذا لا تفشل الدولة وتنهار ؟!
فشل الانقلابيون في كل شئ، واكملوا ما بدأه اسلافهم الفاسدون في تدمير البلاد وتخريبها وتحويلها الى جنازة عجزوا حتى عن دفنها ومواراتها الثري، ورغم ذلك ما زالوا يتشبثون بالسلطة ويمارسون الالاعيب ويجعجعون ويجعرون !