الكتلة الثورية الحالية تحتاج الى معجزة من أجل أن تتوحد ومن أجل ان تقنع الشعب من أقصاه إلى أقصاه بالثورة الشاملة لاقتلاع الانقلاب، على قرار ما حدث في ثورة ديسمبر.
للعلم، الشعوب تهب تلقائيا، الانتفاضة تشتعل بغتة، بلا سابق إنذار وبلا تخطيط ولا (تحريش)، ولها شروط موضوعية كثيرة اهمها الانهيار الاقتصادي وفقدان الأمل في المستقبل.
شروط الانتفاضة مكتملة الان، فالواقع الاقتصادي وصل مرحلة أعمق من الانهيار، والأمل في المستقبل في ظل حكم الانقلاب الحالي هو شيء ميئوس، بل مستحيل.
فشل قادة لهم وزنهم في انتشال البلاد من وهدتها، فشل المحجوب والازهري والسيدين والترابي والصادق المهدي، فهل ينجح في ذلك البرهان وحميدتي وجبريل واردول!!!
فلنكن موضوعيين، حكومة حمدوك التي توفر لها طاقم اقتصادي ممتاز بقيادة الدكتور الاقتصادي الالمعي إبراهيم البدوي لم يكتب لها النجاح العاجل فهل ينجح في ذلك جبريل ابراهيم؟!!!
الا يبدو الموقف معقدا ومرتبكا في ظل غياب الرؤية الموحدة للثوار التي تحرج الانقلاب وتدفعه لتسليم البلد، في ظل انشغال او تشاغل الجماهير بالآمها الخاصة واوجاعها التي زادتها الازمة الاقتصادية!!!
هل نتوقع من شباب لجان المقاومة شيئا اكبر مما توقعناه من تجمع المهنيين؟! فشل التجمع وهو بعض افراد وبعض كيانات من المحافظة على الوحدة، فهل نطمع ان تحافظ لجان المقاومة التي تضم فسيفساء من كل حدب وصوب على وحدة الثورة ومشروع التغيير؟!! الا يبدو اننا نبالغ في الامل؟
ليس من وظائف الاحزاب السياسية إشعال الثورات عبر قيادة الجماهير في الطرقات، بل وظيفتها الأساسية تعرية الانقلاب سياسيا وفضحه أمام الجماهير، وهذا أيضا ما يفعله الانقلاب بصورة مضادة حيث يسعى لفضح الاحزاب السياسية أمام الجماهير وفك ارتباطها بالشارع وضعضعة الثقة بها، وهو ما ظل يفعله البشير طيلة الثلاثين سنة ومن قبله النميري، فكل دكتاتور يهمه بالمقام الأول إسكات صوت السياسيين
لكن هل يسكت الدكتاتور صوت لجان المقاومة؟ وهي لجان بلا معايير منضبطة كالاحزاب وبلا تاريخ معروف ومبذول، وبلا برنامج عمل؟! كلا ولا، بل يمد لهم ويخترقهم كما يفعل بجمعيات الطلاب وتحالفاتهم السياسية الغضة
نحن في واقع مرتبك، تمارس فيه السياسة بواسطة العسكر والمنظومات الشعبية، ويطلب فيه من الاحزاب السياسية أن تسكت وتبتعد عن السياسة!! فهل هذه معادلة قادرة على انتشال ازمة الحكم في الوطن من الحضيض إلى القمة؟؟!
والدليل على ارتباك الواقع في اذهان الكثيرين من الثوار، ان البعض منهم كان يتوقع ان تحكم محاكم الانقلاب بعطبرة بإعدام قتلة الشهيد طارق محمد!! وظهرت عليهم الصدمة حين تمت تبرئة القتلة!!
ليس مستبعدا ان يهب الشعب في اي لحظة ويفور التنور ويندلع طوفان الجماهير، ولكنه لن يهب استجابة للاحزاب ولا لجان المقاومة، هو يهب من تلقاء وصوله للحظة الحرجة التي لم يعد فيها امامه الا الشارع لتحقيق التغيير، فهل ستنتظر كيانات الثوار هذه اللحظة مفككه ومرتبكة، ام يتم تعديل الواقع وترتيب العمل السياسي، وترك ما للاحزاب للاحزاب وما للجان للجان؟!!
يوسف السندي
sondy25@gmail.com