* احتفل العالم في (الخامس من اكتوبر) باليوم العالمي للمعلم وما يقدمه من عمل رائع وما يجده من معاناة وصعاب من اجل تطور وسعادة البشرية، وما له علينا من دين كبير لا يمكن أن نوفيه له مهما بذلنا من جهد، ومهما قدمنا من مال، فليس هنالك ما يعادل جهده، ولا كل كنوز الدنيا واموالها تسدد دينه، ولا كل كلمات الشكر والتقدير والثناء تستطيع أن توفيه حقه وتعبّر عن مشاعرنا تجاهه، وهو ما فهمه وعرفه وعبر عنه أمير الشعراء (احمد شوقي) عندما وصفه بالرسول، وما لخصه القول الشائع (من علمني حرفا صرتُ له عبدا)!
* غير أننا لم نتذكره بكلمة شكر واحدة، دعك من الاحتفال والاحتفاء به وبالدور العظيم الذي يقوم به والتضحيات التي يقدمها، ليس ذلك فقط بل ناله منا في يوم عيده الأذى والتجريح والاساءة البالغة عندما تحدث وزير المالية قائلا، “سندعم المعلمين لنوفر لهم وقتهم وصحتهم وهم يلهثون وراء الدروس الخصوصية ” .. !
* تخيلوا كيف يتحدث وزير المالية عن المعلمين وكأنهم (شحاتين)، سيقدم لهم الدعم حتى يتوقفوا عن اللهث وراء المال .. بالله عليكم هل هذا حديث شخص متعلم يزعم أنه نال أعلى الدرجات الأكاديمية، دعك من أن يكون مسؤولا رفيعا في الدولة يجب عليه وزن تصريحاته بدقة قبل ان تخرج منه، وتقدير الدور الكبير الذي يقوم به المعلمون والحديث عنهم بكل أدب واحترام، والاعتذار عن المرتبات التي لا تتناسب ولن تتناسب على الاطلاق مع الجهد الذي يبذلونه والمهمة المقدسة التي يقومون بها والامانة الثقيلة التي يحملوها على اكتافهم، ولكنه بدلا عن ذلك يخرج ليصفهم باللاهثين وراء المال، وأنهم سيقدم لهم الدعم حتى يكفوا عن اللهث وراء الدروس الخصوصية، وكأنه يدفع لهم من جيبه، أو أنهم يتسولون أجورهم منه.
* تخيلوا .. “سندعم المعلمين لنوفر لهم وقتهم وصحتهم وهم يلهثون وراء الدروس الخصوصية ” .. هل هذا كلام شخص نال قدر ضئيلا من التعليم دعك من أن يكون حاملا لأعلى الشهادات الأكاديمية ووزيرا، إن كان بالفعل حاملا لشهادة الدكتوراة كما يزعم .. وحتى لو لم يكن حاملا لهذه الدرجة الرفيعة، فهل هذا حديث شخص مسؤول أو حتى إنسان جاهل؟!
* تناقل تصريح الوزير أساتذتنا الأجلاء على مواقعهم ووسائطهم الإجتماعية، ولقد جاء في صفحة لجنة معلمي ود مدني (مدني ريدك فينا باقي) على موقع الفيس بوك ما يلي: تحت عنوان إلى وزير المالية:
” قديما كانت العرب تقول :تحدث يارجل كي اعرفك، فالرجل يُعرف بكلامه، نحن نعلم انك لولا اتفاق السلام ماكنتَ في هذا المنصب، فهو واقع فُرض علينا وقبلنا بذلك بغية استدامة السلام ونهضة البلاد، ولكن كيف للبلاد النهوض ومثلك من يتحكم فيها، انا لا انظر بعنصرية، ولكن سياساتك اوردتنا المهالك. مادعاني لكتابة هذا المقال هو تطاولك علي مَن كان سببا في انتشالك من جهل الامية وظلامها الي المعرفة، إلا ان النور لم يدخل اليك بعد حينما تصف المعلم (باللهث) فيما ذكرته عن تحسين وضع المعلمين، إن كنت صادقا. فذلك لايعطيك الحق بإهانة المعلم، فأنت لاتمتن علينا ولا تتصدق ونحن لانقبل المنة والصدقة، فهذة حقوق تدفعها الدولة لاانت ولا مِن مالك الخاص، لذا تأدب عندما تذكر المعلمين، يكفينا فخراً اننا نسعي لكسب العيش رغم الظلم والقهر، نسعي من أجل الوطن، نسعي بحب وتجرد، فنظرة وعلاقة المعلم بطلابه شعور لايفهمه الا من يعيشه، نسعي لتوفير لقمة عيش كريمة، نحن لانلهث، ويكفي اننا لم نصوب سلاحاً ضد سوداني ولم نحرق بلدنا، تأدب وانت تخاطب المعلمين، فوالله إن للمعلمين قوة وسلاحا (الامتناع عن العمل) ان استخدموه فلا انت ولا غيرك سيحكم بعدها ساعة واحدة، تأدب وانت مسؤول تمثل دولة.” (إنتهى).
* نعم، تأدب يا جبريل .. والله لو كنتُ المسؤول لما تركتك يوما واحد في الوزارة بعد هذا الإساءة لرسل البشرية وحملة مشاعل النور !