يبدو واضحا ان الامور داخل السلطة الانقلابية قد بلغت أقصى حالات الفشل والانهيار لدرجة اخذ الاذن من سادتها في الشمال للسماح لها بالاستعانة بقيادات النظام البائد لمواجهة الثورة التي بلغت ذروتها واوشكت على الانقضاض النهائي على فريستها المنهكة من الفشل والازمات المتلاحقة والعزلة الدولية، فجاء (إيلا) من تركيا مرتديا لباسا عرقيا خالصا، وخرج قادة وعناصر النظام البائد من جحورهم لاقامة التجمعات العلنية والمطالبة باطلاق سراح المعتقلين، تمهيدا للعودة الكاملة للنظام البائد لمقاومة التصعيد الثوري المستمر، مما يدل على الخوف الشديد للانقلابيين مما هو قادم وفشلهم الذريع فى ادارة شؤون الدولة، ووصولهم الى حافة الانهيار والسقوط، وانعدام الحلول لدرجة الاستعانة باسلافهم الفاشلين المرفوضين من الداخل والخارج، الأمر الذي سيُعجِّل برحيلهم وسقوطهم مع نظامهم البائد، وليس صمودهم واستمرارهم في السلطة كما يظنون!
لقد ظنوا بل راهنوا على انخفاض جذوة الثورة وتخلِي المجتمع الدولي عن مطلبه بانهاء الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، فظلوا يعاندون ويمارسون الحيل والالاعيب لعلهم ينجحون مع مرور الوقت في تحقيق أهدافهم، ولكن خاب فألهم وانهارت أحلامهم مع سيل الازمات المستمرة وإصرار الشعب الذي لا يتزعزع على اقتلاع سلطتهم الزائفة والرمى بها فى مزبلة التاريخ، ويكفى دليلا على ذلك مظاهرات أول امس الهادرة في معظم انحاء البلاد واعلان التصعيد الشامل خلال هذا الشهر واستمرار التظاهرات والاضرابات بدون توقف الى ان يسقط الانقلابيون الذين يجدوا احدا يقف معهم او ينقذهم حتى سادتهم الاقليميون الذين بداوا في البحث عن خيارات اخرى بعد ان تأكد لهم بان الشعب السودانى لن يتنازل عن ثورته وحريته وكرامته ولو وضعوا الشمس على يمينه والقمر على يساره، دعك من تسليط الانقلابيين عليه لاستخدام القمع والقوة المفرطة وادوات القتل لارهابه وتخويفه حتى يتنازل عن ثورته واهدافه.
لا تنازل ولا تفاوض ولا شراكة. هذا هو شعارنا الوحيد، ومن الافضل للانقلابيين وسادتهم واذنابهم ان يفهموه ويعلموا ان الشعب لن يتنازل عنه، بل سيُنزله على ارض الواقع كل يوم فى ميادين وشوارع واحياء الخرطوم وكل مدن واحياء السودان الاخرى حتى يسقط الانقلابيون،او يسلموا السلطة لاهلها ويستعدوا للمحاسبة عن الجرائم والاخطاء التى ارتكبوها، بدءا من مذبحة فض الاعتصام مرورا بالانقلاب على الثورة، وانتهاءا بكل نفس ازهقوها وكل اسرة قتلوها بالاسى والحزن، وكل متظاهر مسالم اصابوه بالاذى، وكل مواطن برئ اودعوه السجون والمعتقلات بدون ذنب، فضلا عن الاخطاء والخطايا والمفاسد والانتهاكات الاخرى.
لقد ظل الانقلابيون منذ استقلال السودان يحكمون و يتحكمون ويفعلون ما يريدون ويضعون كل خيرات البلاد تحت ارادتهم وفى جيوبهم، فظل السودان بلد فقيرا بائسا يتكفف الدول والسلاطين اعطوه او منعوه، بينما وهبه الله من الخيرات ما يمكن ان يجعله اغنى الاغنياء، ولكنهم لا يريدون له النماء والتطور ولا لشعبه الخير والحرية حتى يظلوا هم الحكام والحاكمين والمتحكمين والمسيطرين على كل شئ والمنتفعين وحدهم بالسلطة والثروات والخيرات بينما الشعب فقير جائع ومعدم ومتشرد أو مقتول .. ولكن بلغ السيل الزبى ولم يعد للصبر حدود وحان وقت الخلاص !
لم يبق لكم ايها الانقلابيون الخائنون ما تفعلوه في بلادنا، أرحلوا ودعونا ننقذ بلادنا من الهاوية التى سقطت فيها لانانيتكم وغبائكم وتسلطكم وخيانتكم وانقيادكم للخارج. كفانا هوانا وارتزاقا وجوعا وتخلفا وفقرا، نريد ان نبنى بلدنا ونعيش فيه احرارا مثل بقية احرار العالم، ولو بشق تمرة وحسوة ماء.. وإن لم ترحلوا باختياركم فستُرغمون على الرحيل !