أعتقد أن طيور الزينة التي يربيها الهواة في البيوت في الغالب مستوردة . فغالبية طيورنا خشنة المنظر وغبراء ، وعلى رأسها عشة أم قيردون وود أبرق والفرة والورة والقطا . رأيت بعض أنواع الزرزور ذات ألوان زاهية ، ووجدتها تصنع عشا مميزا ومعلقا على فروع الأشجار يشبه الدلو وهي تنسجه بطريقة متقنة يحمي البيض ويحمي الصغار ويوفر للطيور مرقدا مريحا . هذا النوع من الزرزور صعبٌ اصطياده ، وبالتالي لم يفكر أحدٌ بإمساكه ليصبح طيراً للزينة . ولو قدّر له الاستئناس كطيور زينة لتوفر لنا صنف من العصافير ذات العائد الدولاري . لكن هل يمكنناطرح السؤال التالي : هل كان يمكن أن نستأنس بعض عصافيرنا التي رميناها بالخشونة والغبرة ؟ وهل يمكن أن يتقبلها الناس في بلدان أخرى كطيور للزينة ؟
ومرة طلبت من قريبي الذي اشتهر بصيد الطيور أن يقبض لي بعض الزرزور الملون ، وشرحت له أنني أريد أن احتفظ به في أقفاص كطيور للزينة . فوعدني بتحقيق هذه الأمنية ، لكني التقيته بعد عدة أشهر وسألته إن كان قد استطاع أن يحتفظ لي بهذه العصافير ؟ فقال أنه تمكن من صيدها حية ، واحتفظ بها لكنها أتبعته برعايتها فانقضّ عليها وأكلها . وطلبت من قريب آخر اشتهر بصيد طيور الجرول والرهو ، كما يصطاد الأرانب ، أن يقوم في بيته بتجهيز قفص كبير من السلك ( النملية ) ، ويحاول تربية هذه الطيور وبدلا من الاستمرار في صيدها بهذه الصورة الجائرة ، يستفيد من انتاجها ويبيع ما تنتجه ، ويصبح تماما مثل مربي الدجاج . ثم يعد قفصا للأرانب ويقبضها حية ويهتم بها لتنتج له وتصبح مصدر دخل ثابت ،وأوضحت له أن الأرانب البرية هي الأغلى في السوق ، وأن الطير الحي أعلى سعرا من الطير المذبوح . وعدني أن يجرّب هذا العمل ، لكنه لم يف بما وعد .
ولأن أهلنا اشتهروا بالصيد والقنيص ، وقد بلغت شهرتهم دول الخليج لأنهم أيضا منهم من يعشق القنيص ، فقد عرفت أن هاويا سعوديا جاءهم ووقع اختياره على اثنين منهم وأخذهم إلى مناطق نهر النيل أو الشمالية ، واصطادوا له مجموعة من طير الرهو ، وأقام الرجل قفصا في الخلاء ليجمع كمية أكبر من طير الرهو ، ومن دجاج الوادي . لكن لحسن حظ الطيور المهاجرة ، وسوء حظ صيادينا وضيفهم السعودي ، هاجمتهم شرطة الحياة البرية وأطلقوا سراح الطيور . لكن الضيف السعودي لم يعد إلى دياره خالي الوفاض ، وقد كرر التجربة أكثر من مرة .
ومرة حكى لي أخ سعودي حين كنت هناك عن رحلة صيد قاموا بها للسودان ، ويبدو أنها أيضا كانت في منطقة نهر النيل . وكانو متخصصين في طيور القطا ودجاج الوادي ، وقال لي أنهم عادوا من رحلتهم بكمية كبيرة من الطيور التي احتفظوا بها في ثلاجة ( ديب فريزر ) تعمل ببطارية السيارة ، وقد كفتهم في جلساتهم التي كانوا ينظمونها حتى العام القادم .
وزرت مرة مزرعة صديق سعودي ، فوجدت لديه أنواع من الدجاج البلدي ، وربما أكثر من عشرين نوع من الحمام من بينها الزاجل والذي ظننته من قبل طائرا خرافيا وفكرة ابتدعها الإنسان . كما اهتم الرجل بكمية من طيور الزينة .
وقد شاهدت في إحدى القنوات السودانية لقاء مع أسرة تهتم بتربية الطيور بأنواعها ، وذكروا أن هذا العمل يدر لهم دخلا كبيرا ويوفر لهم فرصة للاستفادة من زمنهم والعمل داخل البيت وإشباع الهواية وتطويرها .
أنا شخصيا فشلت فشلا ذريعا في تربية الطيور، من دجاج لحمام ، لما سواها ، وقد فكّرت عددا من المرات في تربية الأرانب ، لكني أبدأ الفكرة ثم أهجرها . ولي تجربة متواضعة في تربية الماعز والضأن وقد استمرت فترة طويلة ، لكن نتائجها ضعيفة لعدم قدرتي على المتابعة وبذل المزيد من الاهتمام .