أي عمل يؤدي لنتائج ملموسة ، هو انتاج ، ومن ذلك تحسين المادة الخام لمنحها قيمة إضافية . ليس من الضروري تحديد نوعية الإنتاج ، أو تحديد انتمائه حسب نوع النشاط . المهم أنه إنتاج .
وكلنا نتصور أنه لابد من رأسمال لنصبح منتجين . لكنا نقول أنه مع أهمية رأس المال فإنه ليس الشرط الوحيد للانتاج . وفي بواكير دراسة الاقتصاد تكتشف أن عناصر الانتاج هي أربعة ، وأن رأس المال هو واحد منها . وأنت ربما تمتلك الثلاثة الأخرى ، وبالتالي يمكنك أن تعوض فقدان أحد العناصر بزيادة مشاركة عنصر أو عنصرين آخرين .
في البيت أقوم بممارسة الانتاج ، أزرع ما وسعني ، وفي الغالب لدي عجور وخيار وملوخية ، وعندي منذ خمس سنوات بقدونس ونعناع ، وعندي شطة ، وجربت العدسية، والكركدي ، وحتى القطن ، وأنتج بعض الشتول ، بالرغم من ضيق المساحة . أعمل في بعض الأعمال التي يستنكفها الناس ويعتبرونها تافهة . فمثلا أتصيد رخص البامية في نهاية الخريف ، وأشتري كمية منها وأقطّعها ، وأعرضها للتجفيف في الشمس أو الظل ، ثم أطحنها وأحفظها في الفريزر لفترة ربما تتعدى سنة . كذلك أتعامل مع الطماطم ، أشتريها في زمن هبوط أسعارها ويكون ذلك عادة في الشتاء ، وأغسلها جيدا ثم أحفظها كاملة في الفريزر ، والآن ما تزال عندي طماطم تعود للموسم الفائت . وأعمل هذا أيضا مع الفلفلية ، والفاصوليا الخضراء ، وأحفظ بامية مقطعة أو مقمعة أيضا تحت التجميد . ويمكن تجفيف الملوخية والبصل وعمل الصلصة.
لماذا لم يصبح لي عمل تجاري أبيع فيه منتجاتي ؟ أولا أنا مزاجي ، لكني كسول . وأمتلك هواية لا تنتهي للزراعة . فدائما أجرّب ، أزرع على الأرض مباشرة ، وفي الأصايص ، وفي الكراتين وأكياس اللبن وغيرها . لكني في الغالب ولضيق المساحة أنتج إنتاجا محدودا ، يكفي بعض حاجة البيت ، وإذا زاد فإني أهديه للأصدقاء أو الجيران .
يمكن لأي شخص أن ينتج منتجات متعددة وهو في بيته ويبيعها للجيران حتى تنتشر سمعته شيئا فشيئا . يمكن لأي سيدة تمتلك مهارة في الطبخ أن تجهّز الفسيخ ، وتعبئه في عبوات بلاستيكية ، وتبيعه . وكثير من النساء يصنعن في بيوتهن الخبائز ، والطعمية ، والدكوة ، والشطة والويكة والبهارات ويوزعنها عبر البقالات المجاورة . الزبادي البلدي أيضا يمكن إنتاجه وبيعه في الجوار .
وهناك أفكار متجددة يمكن أن تسهم بها ربات البيوت لتقديم الخدمات لإخواتهن العاملات في المكاتب حيث تقضي ست البيت غالبية يومها . ومن هذه : الخدرة المفرومة ، أو المورّقة ، والرجلة المحشوشة ، البامية المقمعة أو المقطّعة ، والخضروات الورقية الجاهزة للأكل . وطبعا من قديمٍ تبيع النساء الكسرة ويمكن إضافة القراصة . ويمكن تجهيز كميات اقتصادية ( صغيرة ) من اللحم المجفف ، والبهارات . ويمكن أن نذهب أكثر من ذلك بتجهيز وتجميد خلطة المحشي ، أو الاحتفاظ بالمحشي كاملا في الفريزر ومعدا للطبخ، والكفتة ، ومنتجات أخرى منها السجق وعجينة الطعمية . زيمكن تجهيز الفاصوليا البيضاء ، والفول ، والبسلة ، واللوبة بأنواعها بعد السلق وحفظها مجمدة . وكلما زادت الجودة كلما زاد الطلب على المنتجات المنزلية .
وهناك منتجات أخرى لكنها ربما تأخذ مجهودا أو طاقة أكثر ، مثل الأجبان ، والسكسكانية والبسكويتات المختلفة من يانسون وجنجر وسمسم وخلافه . فقط استغل موهبتك ، وهوايتك ، وزمنك لتنتج شيئا ما ، ولا تعتمد على السوق فلن تجد له ما يكفيك من مال ، ولن يعطيك ما يكفيك من احتياجات.