خبير علاقات دولية : مصر تبرهن علاقتها عملياً بالدعم الدبلوماسي للخروج من الأزمة
رئيس البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام: هدف مصر الإستراتيجي استقرار السودان
د. رجاء شوكت
كشفت وزارة الخارجية المصرية عن عقد مشاورات بين القاهرة وواشنطن حول الأوضاع في السودان وجنوب السودان؛ حسب بيانها أمس الاإثنين ( 17 اكتوبر 2022م)، فقد عقد مساعد وزير الخارجية مدير ادارة السودان وجنوب السودان هاني صلاح مشاورات افتراضية مع نائب مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان بيترد لورد.
أوضحت الوزارة أنَّ المشاورات تأتي في إطار الجهود المصرية لدعم الاستقرار في السودان؛ وأكد صلاح خلال التشاور عن موقف مصر الداعم للسودان، ووقوف بلاده على مسافة واحدة من الأطراف السودانية كافة، واحترامها لإرادة الشعب السوداني، كما أعرب عن تطلع مصر إلى أن تسفر الجهود الدولية عن أرضية مشتركة للحوار؛ مستعرضاً –حسب البيان- أوجه دعم مصر للسودان، مشيراً الى مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، ومشروع الربط في مجال السكك الحديدية.
وأشار البيان الى تأكيد المسؤول الاميركي بيتر لورد الاهتمام المشترك بين مصر والولايات المتحدة الاميركية لإعادة الاستقرار إلى السودان، وإنجاح الفترة الانتقالية من خلال التوافق على أي من المبادرات السياسية المطروحة للتسوية.
تسعى القاهرة إلى تفادى الانتقادات التي تزعم انحيازها لأحد أطراف الأزمة؛ بالسعي الدؤوب لتفعيل كل الأدوات الممكنة في إطار دعم الجهود المبذولة في سبيل إنهاء حالة الانسداد السياسي التي تسيطر على المشهد حتى الآن.
وفي إفادة خاصة لـ (التحرير) علق البروفيسور عمر محمد على محمد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم على المشاورات المصرية الأمريكية بأن “الحكومة المصرية تبرهن علاقتها بالسودان عملياً بالدعم الدبلوماسي القائم على التشاور والانفتاح على كل المعطيات التي من شأنها أن تزيح حالة الفراغ والفوضى السياسية بالبلاد”. موضحاً أن “القاهرة تعمل على تنويع علاقاتها مع السودان، وعدم قصره على التعاون الأمنى المباشر مع النظام”، على خلاف التدخل البغيض الذب تحاول ان تمارسه بعض الدول لهشاشة الوضع الذي يمر به السودان حالياً؛ لصياغة المستقبل السياسي للبلد بما يتماشى ومصالحها الإستراتيجية العليا.
وأوضحت رئيس البرنامج الأفريقي بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أماني الطويل أن “الهدف الإستراتيجي للقاهرة يتمثّل في الوصول الى محطة الاستقرار”؛ مما يؤكد أهمية دعم مصر للتوافق السوداني الذي يفضي إلى الاستقرار السياسي؛ كما أكدت أنَّ التحركات المصرية تحتاج إلى تفعيل أدوات القوة الناعمة؛ بفعل التقارب بين المشتركات في البلدين.
ركزت الدبلوماسية المصرية عموماً على توسيع دائرة تعاونها مع السودان، الذي يمثل عمقاً إستراتيجياً مهماً بالقارة؛ لتكون حاضرة بقوة في منطقة القرن الأفريقي، التي تشكل أساس التنافس الاقليمي حالياً. قال الباحث المصرى المتخصّص في الشؤون الافريقية أيمن السيد عبد الوهاب “إنّ النفوذ المصري في القارة الافريقية يرتبط بالقضايا الحاكمة في الفترات الزمنية المختلفة؛ ومثلما كان التركيز على قضايا التحرر الوطني في ستينيات القرن الماضي؛ فالتنمية هي الأكثر حضوراً على الساحة حالياً، وهي ما تستغله مصر لتفعيل أدواتها”؛ موضحاً أنّ قضايا الطاقة والبنية التحتية مع بلدان القارة هي المدخل الأهم في الوقت الحالي.
ما يجدر ذكره أنّه لا تنمية بلا سلام أو استقرار سياس؛ فالسلام في السودان هدف يجب أن يرتبط بغايات التنمية والتعاون الاقتصادي؛ فربما يعدّ ترفاً الحديث في الوقت الراهن عن المشروعات التنموية ما لم يكن هناك سعي جاد من مصر وغيرها من الدول ذات العلاقة التاريخية بالسودان للعمل على استقراره، وحفظ وحدته، ويبدو الاهتمام الأمريكي بحضور مصري في حل الأزمة السودانية، لمعالجة لغيابها في المرحلة الماضية.