السودان يصعد إلى قمة الهاوية بسرعة رهيبة، وفي صباح كل يوم نصعد درجات إلى الأعلى، وأعنى الصعود إلى قمة هاوية العنصرية والتكتلات القبلية.
واغرب ما في الأمر أن الذين يصعدون بالسودان إلى هذه القمة هم الذين يتهمون غيرهم بالعنصرية. ولكي أكون أكثر وضوحاً الذين يتهمون الشمال بالعنصرية هم الذين يمارسونها اليوم وبشكل علني فاضح.
و أعطيك بعض الأمثلة التي حدثت خلال الساعات القليلة الماضية حتى نتبين أين وصلنا في هذا الشأن المزعج.
ناظر عموم الرزيقات الناظر مادبو، وبعد خطوطه الحمراء التي وضعها قبل أيام قليلة، وفي مقابلة صحفية سأله الصحفي عن مقطع الفيديو المنتشر في الميديا، والذي قال فيه إنه سيطوى الخرطوم طياً إذا مس أي سوء واحداً من قادة قبيلته، قال ( المقطع قديم)، وعند تكرار السؤال من الصحفي عن المقصود بطي الخرطوم، قال بالحرف الواحد: “لن أعلق إلا في وقته عندها سنعلق كيف نطوي الخرطوم”.
واضح أن الرجل لم ينفِ حديثه، بل أكده مرة أخرى!!! وبذلك أيضا أكد أنهم مستعدون لطي الخرطوم كطي صفحات الكتب في وقته.
اليوم أيضاً خرج إلينا خط أحمر جديد من أبناء النوبة في الخرطوم، وهم يهددون أيضاً أن الكباشي وأردول خط أحمر بالنسبة إليهم، وما أكثر خطوطنا الحمراء في هذه الأيام، ولا أدري لمن يوجهون خطوطهم الحمراء!!
والانكى والأمر من ذلك كله ما حدث من والي جنوب دارفور تجاه أحد الصحفيين من مدينة نيالا، ورغم أن الوالي أكد أن الرسالة التي خرجت من جواله في قروب خاص أرسلها نجله بدون علمه، لأنه ترك جواله في البيت.
رغم كل ذلك كانت الرسالة قاسية جداً ومؤلمة أن تصدر من جوال والي الولاية بعلمه أو بدون علمه.
وأعذروني في عدم الإشارة إلى نص الرسالة؛ لأنها موغلة في العنصرية، وفيها كلام فج وقبيح يعف قلمي عن إيراده هنا.
أين أردول وأين صندل وأين الذين صدعوا رؤوسنا بالعنصرية وسواد اللون .. أين ألسنتكم الحداد في رسالة والي جنوب دارفور أو ابنه. لماذا هذا الصمت المريب؟
تخيلوا لو صدرت هذه الرسالة من جوال أحد أبناء الشمال المفترى عليه لكنتم ملأتم الدنيا بكاءً وعويلاً، ولطمتم الخدود، وشققتم الجيوب؛ لكنكم آثرتم السلامة والصمت لأن الرسالة خرجت من أحدكم، وليس هو بالشخص عادي عندكم إنه ينتمى إلى القائد الذي لا تستطيعون أن تقولوا أمامه كلمة واحدة مهما فعل.
الأمثلة التي ذكرتها كلها خرجت من بينكم، ومن ألسنتكم يا من توصفوننا بالعنصرية.
قلتها مراراً وتكراراً إننا تخطينا مرحلة القبلية منذ سنوات، ولن نعود إليها؛ لأن قبيلتنا السودان وعمدتنا ضابط المجلس الريفي، وشيخنا هو إمام المسجد، وسنظل كذلك ولن نعود للخلف.
وكان الله في عوننا.