بالرغم من عودة كثير من المنظومات النقابية التي كانت تمثل واجهات سياسية لحزب المؤتمر الوطني المحلول ، وبرغم الحوقلات والفرح الخجول بالعودة ، والمسارعة باكمال اجراءات العقارات والأموال الخاصة بقيادات النظام البائد والتي أعيدت بأمر المحكمة ، بالرغم من كل ذلك… المؤشرات تشير الى أن الزواج الكاثولويكي بين المؤتمر الوطني وقيادات الجيش سينتهي بطلاق بائن بينونة كبرى قريباً جداً.
منذ أن يمم البرهان شطره نحو السجادة القادرية ليعلن من (كدباس) أن الحل السياسي قريب ، أدرك الفلول أن (الهواء قلب) وأن حليفهم تعرض لضغوط جعلته يعلن (حوار التسوية) من منصة خصصت لوحدة قوى الثورة.
ومهما كان الانكار هو سيد الموقف إلا أن قول بلعيش كان فصلاً ، وجاء حديثه عن التسوية على بعد خطوات من مكتب البرهان بعد لقائه به ، ما يعني أن ما تبقى هو مجرد ترتيبات الاخراج.
ويتسامع الناس أن البرهان هو الذي يقود التسوية بنفسه هذه المرة وحتى المكلفون بالملف باتوا مجرد مستشارين ، فيما وردت أسماء جنرلات آخرين أصبحوا أقرب لادارة الملف ، والعهدة على الراوي أن البرهان يضع رؤيته للحل في مكتبه ويقدمها لكل زائر ليدلو بدلوه بالإضافة أو الحذف.
وعندما تيقنت قيادات الحركة الاسلامية أن ساعة التجاوز قد دنت لجأوا الى التصعيد عبر مبادرة نداء أهل السودان التي يتزعمها الطيب الجد ، الذي هو نفسه بات زاهداً فيها ، وربما أسر لزعيم اسلامي إنه كان يعلم بأنهم يريدون (قطع شوط) به وتركه في دكة الاحتياطي.
الغاضبون يعولون على تغيير جديد يعيد هيبتهم باعتبار أنهم الأعلون، ولكن المسؤول عن الترتيبات يرى أن ذلك انتحاراً ولا ينبغي القيام بأي تحركات في ظل يقظة المجتمع الدولي ، والقطيعة الوجدانية بين الشعب والاسلاميين والتي تحتاج لصبر طويل ونقد الذات وجلدها لتحسين صورة الحركة ومن ثم اعادة الكرة.
من الواضح أن الخيار سيكون صفقة تضمن اطلاق سراح قيادات مؤثرة من السجن لتقود ترتيب بناء الحزب مجدداً ولكن الخلافات الداخلية حول القيادة قد تجعل المسؤولين من التنسيق ابطاء ذلك في هذا الوقت.
اللجنة الرباعية التي تقود الوساطة تضغط في تحجيم دور الفلول وبعض الدول تبدو أكثر تشدداً وتطالب باعادة الأمور إلى نصابها ، وكان التعنت هو الخيار الأول ولكن سرعان ما بدأ التراجع بسرعة ضوئية ، فهل تنتهي الأفراح أم ستتعقد التسوية ويسيطر الفلول ..غداً لناظره قريب.
الجريدة