مدير مركز أبحاث الحكم الراشد:
الموافقة بين الاتفاقية والوثيقة الدستورية الجديدة هي الحل
د. رجاء شوكت
كشف مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشؤون الأمنية الجنرال توت قلواك، فور وصوله مطار الخرطوم على رأس وفد عالى المستوى؛ في تصريح صحفي، أنَّ الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية، والتعاون المشترك بين البلدين، ومراجعة تنفيذ اتفاق سلام جوبا؛ لا سيما ملف الترتيبات الأمنية، والمراحل التي جرى تنفيذها، كما تهدف إلى معالجة القضايا العالقة بين البلدين، كقضايا الحدود، وملف أبيي، في إطار البحث عن حلول مرضية للطرفين.
وأوضح أنَّ الزيارة تهدف إلى الوقوف على مجمل الأوضاع السياسية بالبلاد؛ مثمناً الجهود التي بذلها المكون العسكري والقوى السياسية للتوصل إلى حل الأزمة الراهنة، مشيراً إلى أنَّ استقرار السودان يمثل استقراراً لجنوب السودان.
وأعلن قلواك عن زيارة مرتقبة لرئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير كير ميار ديت في القريب العاجل للخرطوم؛ لتأكيد وقوف ودعم حكومة جنوب السودان لمعالجة قضايا البلدين كافة.
يعدُّ توت قلواك من القيادات الجنوبية التى أدّت دوراً محورياً في التوصل إلى اتفاق سلام جوبا، وقد مُنح وسام فخيم من الرئيس سلفاكير بموجب توقيع الاتفاق؛ ويعدُّ من المقربين له؛ وقد عمل قلواك مع القائد فاولينو ماتيب، وهو أقدم ضابط بدولة جنوب السودان؛ مما أكسبه حنكة ودراية في العمل العسكري والأمنى والسياسي؛ وكان رسول سلام دائم في أحلك المواقف بين الرئيس المخلوع عمر البشير ونائبه سلفاكير قبل الانفصال.
إلا أن ملف سلام جوبا في هذا التوقيت يعدُّ قنبلة مرشحة للانفجار في أي وقت؛ في ظل التغيير المحتمل في حال التوصل إلى اتفاق ينهى الوضع القائم لصالح التحول المدنى، ويبقى مصير الاتفاق شائكاً خاصة مع اختلاف أطرافه في الوسائل والآليات المتفق عليها لتنفيذه حسب المراحل الزمنية المحدد لها. وهو ما يعقد المشهد لدولة جنوب السودان الضامن والمشرف على تنفيذ الاتفاق.
صرحت مجموعة قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطنى) تمسكها بالاتفاق، بل هددت في وقت سابق بالعودة الى مربع الحرب، حال تعديل او إلغاء الاتفاق.
وقد رفض مساعد رئيس حركة تحرير السودان لشؤون الاعلام القيادي بالتوافق الوطني نور الدين طه فكرة تعديل الاتفاق مبيناً: “سنرفض أي محاولة لتعديل الاتفاق وفق أي اتفاق سياسي”، مضيفاً: “الاتفاقية غير قابلة للمراجعة؛ لأنَّها شاملة من حيث النصوص؛ وعالجت القضايا العالقة منذ الاستقلال وحتى الآن. فقط نحتاج لتنفيذ الاتفاقية وتذليل الصعوبات التي تواجه التنفيذ”.
وأشار طه إلى أن الحديث المتداول حالياً عن إمكانية تعديل الاتفاقية (حديث عام)، وأن الجهات التي تتحدث عن التعديل لم تحدد ماهية النقاط التي يجب تعديلها، واصفاً إياها بأنها جهات لها أجندة ومصالح خاصة بعيدة عن الاتفاقية؛ مشدداً على تمسك الحركات المسلحة بنسبتها في السلطة بموجب الاتفاقية، منوهاً بأهمية التزام جميع الأطراف من أجل مصلحة التحول الديمقراطي.
وفصل طه شارحاً بالقول: “إذا كان هنالك قصور في بعض ما ورد في الاتفاقية؛ فهناك نصوص أوضحت الآليات التي يتم بها التعديل بواسطة الجهات الموقعة عليه”.
وذهب المستشار الإعلامي لحركة تمازج عثمان عبد الرحمن سليمان إلى المنحى ذاته، موافقاً قوى التوافق الوطني في تقييم اتقافية سلام جوبا من نواحي التنفيذ والاليات والوسائل فقط؛ أما التعديل من نواحي البنود والقضايا فهو أمر مرفوض تماماً، موضحاً أن (الاتفاقية لابد من تقييمها لأنها تعرضت لتشوهات كثيرة، وانفردت بها شخصيات معينة من الرفاق في أطراف العملية السياسية”.
واستبعد عثمان إلغاء الاتفاقية في حال التوصل لتسوية سياسية لترتيب المشهد ككل، مثمناً الاتفاقية بأنها ليست مكسباً لمن وقع عليها من الأطراف، إنما يعدُّ مكسباً لأجيال ومجتمعات تعرضت لأزمان من التهميش.
وفى تعليق وافادة خاصة لـ ( التحرير) علق رئيس مركز أبحاث الحكم الراشد ورفع القدرات الدكتور أسامه عبد الرحمن أبوبكر؛ على حاضر الاتفاقية ومآل مستقبلها بالقول: “إنه اقتضى اعتماد الدستور الاتنقالي المقترح من نقابة المحامين بعد اعتماده أساساً لحل أزمة الانقلاب العسكري إلغاء الوثيقة الدستورية الأولى؛ التي مثلت إطاراً دستورياً لاتفاقية سلام جوبا بالتالي ظهر بعض التناقضات والاختلاف بين الاتفاقية والوثيقة الجديدة”، ومثل دكتور أسامه للتناقض بـ “أن الوثيقة الدستورية الجديدة اعتمدت حكومة كفاءات وطنية لتشكيل الحكومة، بينما أعطت اتفاقية جوبا الجبهة الثورية ربع مقاعد الحكومة وحكم اقليمين”؛ مطالباً بتعديل الاتفاقية بما يوافق الدستور الجديد لتتهيأ البلاد للانتقال المدني الديمقراطي المستدام.
بطبيعة الحال يتأثر الضامن والمشرف على تنفيذ الاتفاقية بما يدور أو على وجه الدقة بما يمور في المشهد من أحداث ؛ لذا يبقى الرهان على إمكانيات الجنرال في إحلال المؤامة والتوافق كبيراً؛ وتبقى الآمال مشرعة في التوصل إلى سلام مستدام بأيدٍ جنوبية خالصة، فهل ينحج الجنرال؟