لا تطفئوا نور الكتب

لا تطفئوا نور الكتب
  • 25 أكتوبر 2022
  • لا توجد تعليقات

بابكر عثمان

حضر إلى السودان عام 1908م الشيخ محمد مصطفى المراغي من مصر قاضياً لقضاة السودان، وبقي في منصبه الى عام 1919م، وضمن إنجازاته في تلك الفترة المبكرة من تاريخ السودان الحديث أن قام فور استلامه لمنصبه بتأسيس مكتبة الهيئة القضائية، التي تشغل نحو طابقين من مبنى الهيئة، واحتفلت تلك المكتبة عام 2008م بمرور مئة عام على تأسيسها، وفي تلك المناسبة العظيمة ألف البروفيسور أحمد محمد إسماعيل البيلي قصيدة طويلة في ذكر مناقب المكتبة مطلعها :
نحي اليوم مكتبة القضاة بما تحويه من كتب الثقات
بما زخرت به من كل علم هي النجم المضئي الى السراة

أصبح المراغي فيما بعد شيخاً للأزهر الشريف، وظل يعتز بتأسيس هذه المكتبة الزاخرة بالكتب النفيسة، التي لا تقدر بثمن، ورحل البيلي عام 2017 م، وقد ترك قصيدة عصماء في الإشادة بهذه المكتبة، التي تعدُّ ضمن تراث الهيئة القضائية في السودان، ولكن في عام 2022م جاء إلى رئاسة الهيئة القضائية مولانا عبدالعزيز فتح الرحمن عابدين، وهو محل احترامنا وتقديرنا، وأصدر في هذا العام 240 قراراً إدارياً، ولكن تعليقنا هو على قراره رقم 241، وهو القرار الذي بموجبه تجري تصفية مكتبة الهيئة القضائية، وتوزيع كتبها (ايدي سبأ).

هل تعرفون لماذا ستتم تصفية هذه المكتبة؟! لأن الهيئة القضائية تحتاج إلى استخدام حيز المكتبة لأغراض أخرى.

جرى تشكيل لجنة بموجب ذلك القرار، وقد شرعت اللجنة فور تشكيلها في يوم الخميس الماضي في حصر الكتب، وتصنيفها بغية توزيعها، وإخلاء المكان في ظرف أسبوعين.

الآن من سيدخل إلى المكتبة سيجد عدداً من القضاة والإداريين يشاركون، وبهمة عالية، في إطفاء نور ما أطلق عليه البيلي ( النجم المضيء)، ولكن هناك بصيص أمل في أن يجري إنقاذ المكتبة، ذلك أن رئيس الهيئة القضائية عندما استأنف بعض الحادبين على العلم أمامه، أشار إلى أنه قد يتراجع عن قراره في حال تجهيز مكان بديل في عمارة الهيئة القضائية الجديدة.

يسرني أن أدعو من هذا المنبر إلى إطلاق حملة لتوفير تمويل لتأسيس مقر لمكتبة الهيئة القضائية تحت عنوان (ليظل النجم مضيئاً)، وسأكون أول المساهمين في هذه الحملة، وأتمنى على رئيس الهيئة القضائية مولانا عبدالعزيز فتح الرحمن عابدين ألا يرتبط اسمه بتصفية مكتبة عمرها أكثر من مئة عام، فإذا كانت هذه المكتبة قد صمدت ثلاثين عاماً خلال عهد الإنقاذ، فيجب الا تغرق بعد ذلك أبداً.

وبالله التوفيق

التعليقات مغلقة.