قالت الفنانة السودانية (رشا شيخ الدين): “يعم السلام العالمي حينما توقف الاقتصادات الكبرى أعمالها العدوانية ضد الاقتصادات الأصغر، لأن أغلب شعوب العالم تدرك أهمية الوئام والحب والعيش في سلام ومساواة وتعاطف وكرامة، وقبول بعضنا لبعض، نحن في عالم لا يدعو فيه للحرب أفراد، بل دول وحكومات، وعليهم يقع عبء تحقق السلام”.
واضافت “للثورة والتغيير، للغناء من أجل السلام، لتغني للسلام في العالم.. ده حلم بعيد”.
هكذا لخصت رشا رؤيتها عن السلام في الكلمة التي وردت على لسانها على صفحة مؤسسة أغان من أجل السلام.
ويذكر انه منذ أكثر من 20 عاما عاشتها رشا مع عائلتها في السودان، وأكثر من ربع قرن آخر قضته في إسبانيا حيث سافرت لاستكمال تعليمها، لكن شغفها بالفن والحفلات الغنائية جعلها تترك الدراسة لتصبح المطربة الأشهر القادمة من الجنوب الأفريقي، محملة بصوت ذي نكهة خاصة، إذ مزجت بين أصالة النشأة ومعاصرة التجربة.
وبدعوة من مؤسسة أغان من أجل السلام العالمي، عادت رشا شيخ الدين، الصوت السوداني الذي طالما كان رمزا للغناء
قبل أسابيع، شاركت رشا أكثر من 150 مطربا من العالم في الغناء للسلام، لكن كان لها رؤية مختلفة عن غياب السلام في العالم، رؤية ارتبطت ارتباطا وثيقا بمعاناة شعوب أفريقيا، فهي ترى أن السبب الرئيسي للحروب هو الأنظمة السياسية والحكومات التي لا تأبه بمطالب الشعوب.
روت رشا شيخ الدين للجزيرة نت عن حياتها ونشأتها في السودان، التي تركت أثرا واضحا على طفولتها وشبابها، وخاصة أنها تنتمي لعائلة فنية يعمل أغلبها في المجال الموسيقي، ومنهم تأثرت بالإيقاعات السودانية والموسيقى المختلفة التي تنتمي بشكل أكبر للطبول والرنين.
وتركت رشا السودان وهي بعمر الـ20 عاما، وهو العمر الذي سمح لها بالتعمق في الثقافة السودانية وفي الوقت نفسه جعلها منفتحة على العالم الآخر والثقافة المختلفة التي قدمت إليها في إسبانيا وتفتح وعيها على الفن الأندلسي والفلامنكو، وكذلك منحها التعدد العرقي في إسبانيا فرصة للتعرف على الموسيقى اللاتينية.
بدايات رشا في إسبانيا اعتمدت على شقيقتها الكبرى، التي كانت أول من هاجر إلى إسبانيا من الأسرة، ثم تبعها 3 أشقاء من بينهم رشا، وذلك في أعقاب انقلاب جبهة الإسلاميين بقيادة الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، إذ إن “الدكتاتورية التي فرضها البشير خاصة على النساء بدعوى الحكم الإسلامي، سرعت من خطط رشا وأشقائها للحاق بشقيقتهن الكبرى في إسبانيا”، حيث بدأت مع شقيقها “الوافر شيخ الدين” تأسيس فرقتهم الغنائية هناك.
كل ذلك كان يدور في عقل رشا حين جاءتها الدعوة للغناء من أجل السلام، فاستلهمت من تجربتها كلمات أغنيتها، التي حثت على رفض الانصياع لظلم الأنظمة الإستبدادية.
رغم اقترابها من الواقع السوداني وبالأخص في أعقاب الثورة السودانية، ورغم زياراتها المتكررة للخرطوم، فإنها تأسف لأن المرجو من الثورة لم يتحقق حتى الآن، لكن أملها ما زال معلقا على الثوار المستمرين في النضال من أجل أن يعود السودان آمنا مطمئنا منعما بسلام افتقده على مدى عقود طويلة جعلت بعضا من أهله يستأنس بالظلم ويراه خلاص الأمة.
اكتئاب الذي يحاصر العالم الباحث عن السلام، دفع رشا للاختفاء عامين وعدم الظهور العام، كانت كورونا وفترة الإغلاق هي السبب المباشر الذي حلل به البعض أسباب غيابها، لكن الأمر كان أبعد من ذلك بعد إرهاقها نفسيا وعصبيا في فترة الثورة السودانية منذ عام 2019، ثم ارتأت أن تنعزل فترة لتستعيد نفسها ومعنى حياتها، وتحدث بعض التغيرات الضرورية في حياتها العملية والشخصية.
وختمت رشا حديثها بالقول “كنت أتمنى أن أقول إنني سأخرج من عزلتي التي فرضتها على نفسي بإرادتي، لكن الوقت لم يحن بعد”.