*لم أتشرف بالعمل معه إلا أن شهرته سبقت تفرغي للعمل بهذه المهنة التي أحببتها قبل أن أنضم إلى كوكبة العاملين في بلاطها، إشتهر أكثر بأنه كان مخبراً صحفياً لا يجارى. *أمضى غالب عمره المهني في صحيفة “الأيام”في عهدها الذهبي أيام الديمقراطية، وعاد مرة أخرى إلى بلاط صاحبة الجلالة ليرأس تحرير”الرأي العام”في مرحلة من مراحل إعادة إصدارها، كما تقلد رئاسة تحرير “الأيام” في مرحلة لاخقة وفي ظروف مختلفة، لم يعمر فيها طويلاً، لكنه ظل قابضاً على جمر تميزه المهني. *لذلك قال في مقدمة كتابه “قصتي مع الإنقلابات العسكرية” : لعل طبيعتي كمخبر صحفي أكسبتني غريزة فطرية ومثابرة للركض نحو الخبر وربما أمامه. *الكتاب يحتوي على معلومات مهمةعن إنقلاب 17 نفمبر1958م وإنقلاب25 مايو 1969 وإنقلاب 19 يوليو1971 وانقلاب حسن حسين5 سبتمبر 1975م وإنقلاب 30 يونيو 1989، بعض المعلومات أعاد جمعها وترتيبها من الذاكرة وبعضها رجع فيه إلى مصادرها، ليوثق لكل الإنقلابات التي شهدها وعايش بعض ملابساتها.
في هذه المساحة لايمكن استعراض المعلومات المهمة التي أوردها في الكتاب الذي لا يكاد المرء يبدأ في الإطلاع على مقدمته إلا ويجد نفسه مندفعاً في قراءة كل صفحاته وهو ينتقل من انقلاب إلى اخر من خلال شهادة مخبر صحفي متميز يسابق الأخبار ويسبقها في بعض الأحيان. *كان مؤلف الكتاب الأستاذ إدريس حسن محاطاً بمصادر حية وسط الرموز السياسية وبعض القادة العسكريين من مختلف ألوان الطيف السياسي والمجتمعي، وقد أحسن الاستفادة من هذه المصادر في متابعة الأخبار، بل المساهمة في صنع بعضها. *شهادته الحية عن محاكمة عبد الخالق محجوب -عليه رحمة الله – السكرتيرالعام للحزب الشيوعي آنذاك ، وصفها بأنها أخطر محاكمة جرت في تأريخ السودان الحديث بعد فشل إنقلاب 19 يوليو1971م، وكان فد انتهز فرصة السماح للصحفيين والمراسلين الأجانب حضور المحاكمة، فركب مع الصحفي اللبناني المعروف فؤاد مطر، ليلحق بهم بعد ذلك المصور الصحفي بصحيفة الأيام بشير فوكاف إلى مكان المحاكمة. الكتاب يتضمن بعض تفاصيل ما دار في هذه الحاكمة، وكيف أنه تابع بنفسه ما دار فيها، إلى أن حضر الأستاذ موسى المبارك -عليه رحمة الله – رئيس مجلس إدارة الأيام انذاك وإجتمع بعض الوقت مع الرئيس نميرى – عليه رحمة الله – وعند خروجه أبلغه وكان يبدو عليه التأثر أن النميري أخطرة بأن حكم الإعدام قد نفذ في عبد الخالق محجوب. *هذا الكتاب شهادة حية للمخبر الصحفي المتميز إدريس حسن، ويعد مرجعاً مهماً لشباب الصحفيين وللدارسين، ولكل المعنيين بتأريخ السودان الحديث.