بدءًا نقول: سيظل اللحن العبقري (للملحمة)، شهادة بعبقرية الأستاذ محمد الامين اللحنية، والأدائية الصوتية، وفتحأ مؤزراً للموسيقى السودانية، يحسب له، ما بقيت الأغنية السودانية، على قيد الوجود، وسيظل هذا العمل، مقياسًا، يقاس عليه، نجاح أو فشل أي عمل ، ينحو نحو العمل الملحمي الكبير، متعدد الاصوات، في أي زمن سوداني فني، حاضر أو مقبل. والذي أحمده بصفة شخصية، للأستاذ محمد الامين، في وضعه لهذا الإطار اللحني المهول، انه لم يستجدِ الذائقة السودانية الشائعه، لإخفاء عيوب لحنه، والتي هي صفر، بخيارات توظيف الإيقاعات القومية، مثل الدليب والمردوم والسيرة، وغير ذلك، طمعاً في التعاطف التلقائي للمتلقي، فهذا (الأكلشيه)، قد اصابه البوار، واستهلك حتى لم يتبق منه لون، فقدم لحناً متكاملاً من إيقاعات، من مخزون سمعه المرهف، خلطة من المارشات والتمتم، و إيقاعات عالمية، من بينها الفالس، ونحاس الاناشيد البروسية. ثم انه أختار أصواتاً، مختلفة شكلا تراكيبا، وتطريباً، وحساً وموضوعا، بها من التناقض، ما لايغري الملحن العادي، بوضعها في عمل واحد، ولربما كان من بين بعض الذين أشركهم في الأداء، ومنحهم مساحات واسعة، وفصل الميلودي على إمكانياتهم، بالتمام والكمال، فالتحمت بهم، مثل الجينز علي جسد (مارلا ترمب) في زمانها، كانوا من المغمورين، او من غير ذوي الشهرة العظيمة من معاصريه، ومع ذلك، فقد ارتفعو بأدائهم، ونهضوا بالنشيد، إلي ذريً، جعلت منه أيقونة، في تاريخ فن أهل السودان. أما القصيدة في حد ذاتها، والتي اختلف الناس فيمن كتبها، وقد تعرضت في هذا الشأن، للوقوف أمام القضاء، وفي معيتي، بنفس الجرم، المرحوم وديع خوجلي، وقد صدر أمر ببراءتنا، وتلك قصة اخري. أعود للنص فأقول، كان نصًا سودانياً، بديعاً، وجديداً كل الجده، يحمل كل ملامح السودانوية، في تميزها وتفردها، وتعدد روائحها وألوانها ومذاقاتها، وهي قصيدة أكدت الذات السودانية، وسلكت طريقاً جديداً، عقب فترة التوجه العروبي الأسبق، المتمثل في نصوص شعرية، مثل قصيدة الصاغ محمود ابوبكر، (صه يا كنار)، و(أنا سوداني)، و(أفديك بالروح يا موطني)، والتي تحتشد بمفردات، تمجد العنصر العربي في الأمة، تماماً، وقد يرددها الانسان البسيط، دون أن يقدر علي سبر أغوار معانيها، وليس أدل علي ذلك، من قصة لاعب الفريق القومي، والذي كان يردد، وسط الجوقة، وكفه اليمني علي يسار صدره، صائحاً في قمة انفعاله الوطني (نحمل العلبة، ونحمي ارضكم)! التحية للأستاذ محمد الأمين، وكل من اشترك، بجهده، وموهبته، في تنفيذ وإخراج، هذا العمل المهول. ماهي المناسبة لهذا الحكي؟ مجرد هاشمية، لا نعرف لها مصدراً. ❤️