فور بلوغنا خبر وفاة والد الفاتح والفاضل سرو بمدينتنا سياتل أسرعنا أمس للأسرة الكريمة لتقديم واجب العزاء والمواساة.
كانت ساعات مترعة بالحزن حقا ولاسيما أن الراحل كان إنسانا هادئا مؤنسا فقد حكى لي أنه كان مسؤولا قياديا ببنك السودان الاتحادي ووقته كان يحمل المصوغات الذهبية والحلي التي كان معظمها يأتي من الشمالية لسويسرا سنويا فيبيعها ويعود بقيمتها عملات صعبة للبنك المركزي.
كان الموقف الأصعب عند الدخول على أم اولاده الحاجة الفاضلة المجاملة حيث امتلأت المآقي بالدموع الساخنة وهي تنتمي لأسرة متدينة حيث كان جدها شيخا ورعا ذائع الصيت بالخرطوم وله ضريح يزار في مستشفى كبير بالعاصمة.
أدينا اليوم الصلاة على المرحوم في مركز إسلامي فخيم عقب صلاة الجمعة حيث كان المركز مكتظا بالمصلين من كل أركان الدنيا يتقدمهم السودانيون وكان الإمام التونسي بارعا في خطبته القوية بإنجليزية ناصعة تتخللها بالعربية الآيات والأحاديث والدعوات.
عند خروجنا من المركز الذاخر بالصالات والمكاتب والمرافق كان آخرون يسرعون بالدخول لإدراك مرحلة الصلاة الثانية.
اتجهنا بعدئذ للمدافن على بعد نحو نصف ساعة وبما أنها المرة الأولى التي أحضر فيها مراسيم تشييع سوداني هنا كنت متابعا ما يجري من كثب.
كانت المقبرة معدة فوضع فيها مستطيل حديدي أهيل عليه التراب ثم أعد فيه اللحد ليسجى عليه الجثمان الطاهر بوساطة أبنائه وبعض الأفاضل.
بعده صفت ألواح حديدية ثم أعيد وضع التراب عليها ليتولى المسؤولون بعدئذ التسوية وتثبيت الحواف الاسمنتية ووضع اللوحة التعريفية في فضاء خاص بجثامين المسلمين.
كان الحضور حشدا كبيرا رغم أن الجمعة هنا يوم عمل لكنهم أبناء السودان كعادتهم يتنادون في الواجب مندفعين.
وقد ختم المشهد المهيب أخ كريم بدعوات رطيبة مفعمة بالتأثر مع تفاعل كل الحضور.
لقد فقدت سياتل اليوم أحد آباء مجتمعنا المترابط والله نسأل ان يكرم نزله في جنة عرضها السموات والأرض.
أنور محمدين