افتقدت مواكب مدينة بحري الهادرة بالأمس وجه وضاح صبوح غطى ملامحه الإشراق، وجه كضوء شمس أنار المدن ووضع حب الوطن على كل القمم ثورة وحرية وسلام في ميادين لا تعرف العدالة ، افتقدت المواكب وجه نوره كأنه لهباً حرق حصاد أحلامهم ، ونداء وقف خلف أبوابهم فغُلقت دونه ، اعصار غضب خطف برقه أبصارهم ، نداء قوة ، كلما ارتفع صوته نزل مطرقة فوق رؤوسهم
افتقدت المواكب الشهيدة ست النفور بكار، الثائرة اليانعة التي كان حضورها وطلتها وابتسامتها في المواكب اشبه بزهرة في بستان كبير تتفتح لتهب الناس الحياة، تلك الثائرة التي اصيبت بالرصاص الحي في منطقة الفك، وفشلت محاولات الأطباء في انقاذ حياتها، لتصبح أول امرأة تسقط في المظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري ضمن 15 شهيدا قتلوا برصاص السلطات الانقلابية .
في مثل يوم أمس من العام ٢٠٢١ مجزرة ١٧ نوفمبر أطلقت القوات الأمنية النار على المتظاهرين بصورة مباشرة وقصدت ان يكون الضرب في الجزء العلوي من الجسد بهدف القتل وخلفت عدد كبير من الجرحى والمفقودين، ولاحقت القوات الامنية المصابين داخل المستشفيات ومنعتهم من الحصول على الرعاية الطبية واعتقلت العشرات منهم فكان يوم الاربعاء الدامي الذي أحياء ذكراه الثوار أمس الخميس .
والحاضر لموكب الأمس يجد ان ست النفور ارعبت السلطات الامنية حية وميته ، فصورة ست النفور التي رفعها عدد من الثوار في مواكب الأمس والتي ظهرت بابتسامتها المشعة المعروفة ، بدت وكأنها تسخر من قاتلها وآمره ورئيس قسمه وقائده ورئيس المجلس الإنقلابي، فأزعجت السلطات الامنية ( صورة ) فجن جنونها فأطلقت الغاز المسيل للدموع واستخدمت العنف ، هذه القوات التي لا يستطيع افرادها إمعان النظر في صورة ست النفور التي رفعت عالية ، وكأنها تقول قتلتموني ومازالت ثورتي حية ، ورفاقي مازالوا يهتفون ، ومازلت هنا أرافق اصدقائي في المواكب ، ففي ذاك اليوم كنت ، وفي هذا اليوم أنا حاضرة باسقة كنخلة ماتت واقفة لتجسد معنى الكبرياء والصمود اطلقتم عليَ النار لتحموا انقلابكم ، فماذا جنيتم من قتلي !! فأنتم تتأبطون الخيبة والفشل، تتسكعون على طرقات المدنيّة، تجلسون على الرصيف تبحثون عن مأوى لكم فيها وملجأ، وحائط يستركم، انتم ليست إلاّ زمرة من الخائفين الراجفين الذين يزعجهم صوت الثورة.
كانت بحري (غير) وكان يوما محضورا ومشهودا وكانت ثورة كاملة، احيّت ذكرى يوم أسود خلده التاريخ، تحمل السلطات الإنقلابية عاره الى يوم القيامة، كيف لا والشعب فقد فيه خيرة ابنائه وشبابه على يد السلطة الحاكمة ( قوات الشعب المسلحة ).
فبعد إنتهاء اضخم موكب ببحري، ظلت قوات الشرطة تنشر مئات الافراد وعشرات السيارات الشرطية التي احتلت المساحة ما بين المؤسسة والمحطة الوسطى ، كان عناصر الشرطة يتجولون وسط سوق بحري يحملون الاسلحة والهراوات والعصي يرعبون الماره وينشرون الخوف وسط المواطنين والتجار وكأنهم عدو تمكن من إحتلال دولة سقطت للتو عاصمتها على يده . !!
طيف أخير:
الى الحوري في (ساعة صفره)، الإنحياز للوطن لا يوجد في قوانينه إعفاء وإبعاد، ولا حتى إقالة !!
الجريدة