جملة شواهد وحيثيات تثير شكوكا كبيرة حول التحركات والمواقف الاخيرة لمولانا محمد عثمان الميرغني، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومرشد طائفة الختمية، وتفسر تلك التحركات والمواقف على أنها تناصر وتدعم مواقف العسكريين ومن يوالونهم من حركات مسلحة وسياسيين،
وتجدر الاشارة هنا الى أن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) الذي يتزعمه مولانا الميرغني، كان شريكا للنظام البائد حتى سقوطه على يد ثوار ثورة ديسمبر المجيدة، كما دعم مولانا الميرغني انقلاب الخامس و العشرين من اكتوبر بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان وانحاز الى مجموعة الحرية والتغيير التوافق الوطني (الجماعة المعروفة اصطلاحا بجماعة اعتصام الموز)، بل ان البعض اختصر حتى هذا المصطلح واطلق عليهم مسمى (الموزاب)، ومعلوم عن هذه الجماعة أنها الجماعة الشريكة في الانقلاب وحكومته، وموالاة مولانا للعسكر ومناصريهم على حساب قوى الثورة، لا نقولها افتئاتا عليه، اذ تؤكدها عدة تصريحات منشورة وموثقة جرت على لسانه وأخرى منقولة عنه بواسطة مقربين منه بالحزب..
أما الجديد من مواقف مولانا الميرغني التي تعزز الشكوك حول مواقفه السلبية من الثورة وقواها، منها حسمه للصراع الناشب بين نجليه الحسن وجعفر لصالح الأخير المنخرط باسم الحزب مع مجموعة اعتصام الموز التي بدلت اسمها من التوافق الوطني الى الكتلة الديمقراطية، في مقابل نجله الآخر الحسن الذي وقع باسم الحزب ايضا على الإعلان السياسي في التسوية السياسية المطروحة حاليا بين مركزي الحرية والتغيير والمكون العسكري، حيث أعلن مولانا عبر فيديو مبثوث تكليف نائبه بالحزب وابنه جعفر الصادق بمواصلة عمله لحسم كافة المتفلتين داخل مؤسسات الاتحادي الأصل المختلفة، مجددا تأكيد دعمه للقوات المسلحة ورفض الإساءة لها ووصفها بالضامن لوحدة واستقرار السودان، وسارع الابن جعفر لتلقف التكليف وشرع على الفور في حسم من يسميهم هو ووالده بـ(المتفلتين) والمعنيين هم أخوه الحسن وابن عمه ابراهيم الميرغني، فقرر تعيين معتز الفحل أمينا سياسيا للحزب بدلا عن ابراهيم الميرغني،
ومن المواقف المعززة للشكوك حول تحركات مولانا الأخيرة، ما راج عن اجتماع غاية في الخطورة، انعقد بين قيادات عسكرية عليا تتبع للتنظيم السري للإخوان المسلمين ومجموعة من حزب مولانا تتبع لابنه جعفر الميرغني، وكشفت مصادر واسعة الاطلاع بحسب صحيفة الحراك السياسي الصادرة أمس السبت، أن الاجتماع تم بترتيب دقيق من الفريق صلاح قوش ورعاية كاملة من المخابرات المصرية، وتضيف الصحيفة وفقا لمصدرها ان المجتمعين اتفقوا على ضرورة سيطرة الجيش على مقاليد الحكم إلى حين قيام انتخابات مبكرة، وكشفت الصحيفة عن اتفاق سري تم بين رئيس السيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي ـ الأصل، وزعيم الطائفة الختمية محمد عثمان الميرغني ورجحت أن تكون هناك صفقة سياسية جرت بينهما خلال زيارة البرهان إلى القاهرة مؤخرًا. وأوضحت أن كبير عائلة البرهان هو خاله الخليفة عثمان الحفيان، وهو في نفس الوقت كبير الختمية بمدينة شندي، وكان المحجوب ابن مولانا قد شارك الحفيان احتفاله بالمولد النبوي الشريف، وقالت مصادر للصحيفة تعليقا على الصفقة الراجح توقيعها بين البرهان ومولانا، أن بلدا مثل السودان تتداخل فيه العلاقات السياسية مع الاجتماعية مع الروحية، لا يستبعد أن تكون هناك صفقة تمت ما بين القداسة والسياسة..
الجريدة