عندما كنا ندعو لإستيعاب المفصولين في الشرطه في اوائل ٢٠١٩ وتكوين جهاز الأمن الداخلي من مفصولي الشرطه المشهود لهم بالثوريه اولاً وبعدم الإنتماء أياً كان ثانياً وعدم ( التلَوُّث ) في مستنقعات المؤتمر الوطني ثالثاً وبالخِبرَةِ الإيجابيه المهنيّه في مجال أعمال الأمن رابعاً كانت حكومة دولة رئيس الوزراء والحاضنه السياسيه يُخْرِجونَ ألسنتُهُم لنا إستخفافاً واستهتاراً ويُلَوّحون بكوادِرٍ لَهُم لم يُؤتَو نصيبٌ مما ذَكَرنا آنِفَاً.
ورغم كل شيئ عملنا على تَصَوّرٍ كامِلٍ للجهاز وهياكِلِهِ وقوانينِهِ ومكاتبه وكيفيةِ تكوينِه وأنجزنا كل ما يتعلق به من احتياجات ودفعنا بصورةٍ من كلّ ذلك للحكومه بشقيها المدني والعسكري كان مصير هذه الصوَر إلى العَدَم.
وعندَما إختَلَطَ الحابل بالنابل بعد دخول الحركات المُسَلّحه عَلِمنا من مصادر عليمَه من داخل مطابخ صُنع القرار في الحكومه المدنيه أنّ جهاز الأمن سوفَ يُقَسّم بين الدعم السريع والحركات المُسَلّحه والحكومه التنفيذيه وسوف تكون النسب حسب الترتيب المذكور وطلبوا منا ، لأول مره ، تزويدهم باسماء ضباط شرطه ( لِحفظ حقّهم) أي حَق الحكومه ، تَصَدِّقوا ، ؟ في النسبه ما يعني إتفاقهم على ذلك وموافقتهم عليه ( أو ) قِلّةِ حيلَتِهِم أمام المكونات الأخرى وبالتالي إذعانهم.
اوضحنا لهُم ، كالعاده ، ان الشرطه وجهاز الأمن الداخلي أجهزه فَنّيه وبالتالي فإنها لا تحتمل مُجَرّد إلقاء الأحمال البشريّه الى داخلها كقيادات او قوى عامله او كوادر إشرافيه ولكن ظلّت هذه المُحاصصه سيفًا مسلّطاً على سلامة الوطن عانينا منها كثيراً وبذلنا جهداً لعدم وضعه موضع التنفيذ وصلّينا من أجلِ ذلك.
شَكّلَ غياب جهاز الأمن الداخلي خطورةً فعليه وساهَم الغياب المذكور بجانب العوامل المعروفه الأخرى الخاصه بإهمال أمر الأمن في التخبط الذي وَسَمَ الإنتقال وأدّى للنتيجةِ التي نجني ثمارَها الآن.
الآن وبانطلاقِ بعض الزغاريد من البيت القَحتاوي ( مُبَشّرةً ) بنُضج التسويه سيئة الذِكر فجأةً يتداعى البعض ، في بَصمَةٍ ( قحتعسكريه ) مُمَيّزةٍ نَعرفُها بسيماها ، للعمل على إنشاء جهاز الأمن الداخلي وتَصدُرُ الأوامر بذلك في وَقتٍ يَتَميّزُ بصعوبةِ مناهَضَتِهِ في ظِلّ هذا القَهر والأغرب أن الذين يتداعون من أجل هذه المُهِمّه لا يهتمون بمقدار القتل اليومي المستمر منذ الإنقلاب وحتى الان ولم يضعوا في اعتبارهم أن السُلطه الآمِرَه بالتشكيل ، بشِقّيها الاعلا والأدنى ، هي نفس السُلطه الآمِره بإطلاق النار على ابنائنا ودهسهم وقتلهم وتعويقهم.
لَم يسأل أحَد المُكَلّفين أو المُطَبّلين للقرار نفسَهُ لماذا يجلِسون الآن لإنشاء جهاز ألأمن الداخلي وإتّخاذ هذا القرار القومي الخطير جداً. كيف قَبِلوا لأنفُسِهِم مُجرّد قيام الجهاز والبلاد كلِّها تعيشُ مأتَماً لم تنطَفئ جذوَتُهُ التي يُلقَى بالشُهداءِ فيها لحظيّاً. مَن هي الحكومه التي سوف يقوم الجهاز بدَعمِها والمحافَظةِ على سلامَتِها والدفاع عنها؟ لماذا لم يُرجأ قرار الإنشاء ليُتّخذ بواسطة الحكومه القادِمَه بأمرِ الثوار وليس قطعاً بأمر قحت وعسكرها.
نحنُ في ثورَه لإقتلاع الظلم والعدوان ولإقتلاع المؤتمر الوطني ومجلسهُ العسكري منذ ١٩٨٩ ومُنذ ديسمبر ٢٠١٨ ومنذ اكتوبر ٢٠٢١. لم تكتمل هذه الثورات حتى الآن لأنها لم تُصادِف أهدَافَها بعد.
عندَما أسرَجنا خُيولَنا في يونيه ١٩٨٩ لَم يكُن ذلكَ من أجلِ دُنيا نُصيبُها ) ولا من أجلِ…الخ الحديثِ الكريم ولكِنّهُ كانَ من أجلِ الوطنِ وإنسانِهِ النبيل. عندما قامَ الأخ الوزير المُكلّف بإجراء مراجعات للمعاشيين شكرناهُ في حينِها وفي حينِها أيضاً ذكّرناهُ بحقّ الوَطَنِ عَلينا وعَليهِ وضرورة وقف القتل الذي يجري الآن.
للمُسَبّحين باسم شرطةٍ تَقتُل أهلَنا وأبناءنا من أجلِ كَسبٍ شخصيٍّ هو في النهايةِ بعضٌ من ( الحَقِّ ) يُعاد. وللذينَ انشَغَلوا بالكسبِ الشخصي وأعلَوْهُ على الشأنِ الوطني ونَسَوا القتل الرامي لتثبيت الإنقلاب وبالتالي حُكم المؤتمر الوطني الذي سامَنا العذاب والإحتقار والفصل والتشريد لثلاثينَ عاماً أقول أن الثورة ستنتصِر بأبنائها في الشارع وليس بالتسويات وسيُلْغَى كُل الزَبَد الذي تصنعونَهُ الآن وسيبقى ما ينفعُ الناس بأمرِ الله وبأمرِ الثوّار
melsayigh@gmail.com