شهدت منطقة الخناق بمحلية عبري، في أقصى شمال السودان، اليوم احتجاجات عنيفة واجهتها سلطات الانقلاب باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص في الهواء. وعلى الإثر، انطلقت دعوات شعبية على امتداد المنطقة لتكوين أوسع جبهة لإيقاف انتهاكات السلطة بغرب السكوت.
وقال شهود عيان تواصلت معهم (الديمقراطي) عبر الهاتف، إن الاحتجاجات التي بدأت اليوم باعتصام في سوق الخناق، أكبر سوق للمعدنين في الولاية الشمالية، انتهت بإحراق مكتب التحصيل التابع للشركة السودانية للموارد المعدنية.
وخرج المحتجون رفضاً لقرار حكومي بحلِّ اللجنة الأهلية التي تنظم التعدين الأهلي مع المعدنين والجهات الحكومية.
ويرفض الأهالي حلَّ اللجنة التي تمثلهم، ويشككون في دوافع القرار الحكومي بأن ذلك مقدمة لتحويل المربعات الى شركات التعدين.
وحملت اللجنة الخماسية لمناهضة التعدين العشوائي حكومة الولاية الشمالية وشرطة الولاية والشركة السودانية للموارد المعدنية ومحلية حلفا مسؤولية ما يحدث في المنطقة. وجاء في بيان أصدرته اللجنة المشكلة من قرى المنطقة أن “النظام الدموي يواصل قمع أهلنا الشرفاء بقرى غرب السكوت بعد إعلانهم لاعتصام مفتوح في سوق (خناق) ليتم مواجهتهم بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لفض إعتصامهم المفتوح والعادل”.
وأضاف البيان: “إن مطالب أهلنا المتمثلة في إيقاف التعدين وإخراج شركات الموت لهو مطلب أساسي لن يحيد عنه أهلنا ونحن على يقين بأنهم وبصمودهم الاسطوري وبسالتهم المعهودة سينتزعون حقوقها كاملة غير منقوصة”.
وتابع البيان: “إننا في اللجنة الخماسية لمناهضة التعدين نحمل السلطات السودانية متمثلة في حكومة الولاية الشمالية وشرطة الولاية والشركة السودانية للموارد المعدنية ومحلية حلفا، نحملهم مسؤولية ما يحدث في المنطقة (سوق خناق)، ونناشد جماهير شعبنا بمختلف قواهم السياسية وتنظيمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والانسانية بالتضامن مع أهلنا الذين يواجهون آلات القمع وشركات الموت بالصدور العارية”.
وكانت (الديمقراطي) أشارت في تقرير نشرته الاسبوع الماضي إلى توتر يسود أقصى شمال السودان إثر قمع وقفة سلمية نفذها المواطنون
في قرية الخناق بغرب السكوت احتجاجا على التعدين العشوائي في المنطقة.
وأبلغ مشاركون في الاحتجاج (الديمقراطي) أن قوة الشرطة التي قدمت من دنقلا عاصمة الولاية، تعاملت بعنف مفرط مع الاهالي بإطلاق الأعيرة النارية والغاز المسيل للدموع والهراوات وأسفر ذلك عن إصابة أحد المحتجين جراء دهسه بعربة (تاتشر) تابعة للشرطة ما استدعى نقله لمستشفى دنقلا لتلقي العلاج.
وشارك في الوقفة الاحتجاجية أمام مكتب وحدة التعدين، المواطنون من كل قرى المنطقة من عاقولة حتى سلم.
ورغم التزام المحتجين بالهدوء، استدعى المكتب التابع للشركة السودانية للتعدين قوة من شرطة التعدين من دنقلا.
وبعد الاستخدام المفرط للقوة، رفع مواطنو المنطقة سقف مطالبهم لتشمل إيقاف نشاط التعدين في المنطقة وتوفيق اوضاع اسواق التعدين وترحيلها للبعد الآمن، وإغلاق شركة (الهصور) التي تقع داخل الحرم السكني في قرية حميد وترحيلها فورا، بالإضافة لإقالة الأمين العام لحكومة الولاية الشمالية.
وكان المواطنون قد نظموا الوقفة الاحتجاجية رافضين تنفيذ السياسات التي قررتها الشركة السودانية للموارد المعدنية بناء على أوامر مديرها، مبارك اردول، إبان زيارته للمنطقة بتكوين لجنة للتعدين وإبعاد أهالي المنطقة من عضوية اللجنة وتشكيلها من ممثلين لجهاز الأمن وشركة المعادن والمعدنين.
وتبنى القرار مدير عام حكومة الولاية المدعو مجذوب الخليفة سعيد، الذي يؤكد الأهالي بأنه معروف بانتمائه للمؤتمر الوطني وعمله في مجال التعدين، والذي شرع في تكوين اللجنة بممثلين من جهاز أمن الشركة السودانية للتعدين وممثل الوحدة الادارية للتعدين في منطقة خناق، بالاضافة لاربعة اشخاص تم اختيارهم من المعدنين بمعرفة جهاز الامن والشركة السودانية للتعدين مع إبعاد أي ممثلين لأهالي المنطقة.
وبعد صدور قرار تكوين هذه اللجنة ذهب وفد من أهالي المنطقة لمقابلة المسؤولين في الولاية، وكان مجذوب الخليفة يشغل منصب الوالي المكلف حينها ورفض مقابلتهم، وطلب منهم مقابلة أمين عام الحكومة المكلف.
وعبر مواطنون تحدثوا لـ(الديمقراطي) عن استيائهم وغضبهم حيال هذه التطورات العنيفة في منطقة طالما احتفظت، على مر السنين، بالسلم والأمان، محذرين من تطورات لا تحمد عقباها.
وقال الناشط، حكيم شمية في معرض روايته للأحداث: “أخشى أن تقود سياسات هذا الأردول والكوز مجذوب الخليفة، المنطقة إلى ويلات كارثية”.