تمر علينا الذكرى الثانية لرحيل الحبيب الامام الصادق، وخيراً فعلت اللجنة القومية لتخليد ذكرى الامام الصادق المهدي بتنظيم “مؤتمر دور الامام الصادق المهدي السياسي” والذي قدمت فيه أوراق عمل محكمة وعميقة خاطبت دوره السياسي من جوانب عدة. الحبيب الإمام بحر لا سـاحل له في الفكر والسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والعلوم الإنسانية، ومناضل من طراز فريد في مقاومة الاستبداد والطغيان والظلم، ورائد الفكر الديمقراطي والممارسة الديمقراطية في السـودان، ومناصر حقوق الإنسان والحريات العامة وحقوق النساء والشباب والبيئة والمناخ بلا منازع، ومؤسس الرشد السياسي في التفكير والممارسة، وقائد حراسة مشارع الحـق والتضحية من أجل الوطن. فالحببب الإمام كتاب مفتوح وتجربته السياسية لا تخطيها الا عين بها رمد، فقد شغل الناس سياسيا وفكريا حياً وميتاً، فكانت تجربته السياسية مدرسة ذات منهج في العلوم السياسية والتطبيقية، فقد كان عليه الرضوان يسبق القول بالعمل، ونهجه السياسي قائم على: الديمقراطية قضيته المركزية كتب فيها كثيراً وقدم عشرات الأطروحات حولها في الإطار النظري أما عملياً فقد ناضل من أجل الديمقراطية ونذر حياته لها وتكبد المشاق ودفع الأثمان تشريدا وتعذيبا وسجنا وتحريحا، ففي سبيلها صالح ومن أجلها عارض، فمثل نهجه الديمقراطي سلوكه وشخصيته داخل حزبه وخلال فترات الحكم والمعارضة. النقد الذاتى لتجربة حزبه ومواقفه من قضايا البلاد، والاقرار بالعيوب، وكان يقبل النقد البناء ويشجعه، وقد جسد النقد وتقبل الرأي والرأي الآخر بصدر رحب نقطة مضيئة للسالكين. التفاؤل والتمسك بالأمل، وكان يقول دائما (ان مع البلوى وان عظمت فرصة) و (المنن فى طى المحن، والمزايا فى طى الرزايا). النهج الوطني لم يكن الامام الصادق يستلم راتباً ولا سكناً ولا سيارة حكومية، متمسكاً بالنهج الوطني الذي يعلي من قيمة الوطن والوطنية. النهج القومي، كثيرا ما كان يجنح الي البعد القومي وليس الحزبي، فلم يفاوض أو يسعى لكسب حزبي بل يسعى لبناء التحالفات والعمل المشترك. النهج المهموم بقضايا الناس ومعاشهم فليس لديه خطاب الا وتحدث على قضايا معاش وأمن الناس. الحل السلمي والحوار والتفاوض كآلية أولى لحل المشاكل، والعمل على الحل السياسي (حلاً باليدين ولا حلاً بالسنون)، والتعبئة الجماهيرية وحشد الجماهير لصالح الفعل السياسي. التمسك بالسيادة الوطنية وعدم الخضوع للأجنبي في الحكم أو المعارضة. تقديم مشاريع المواثيق والاطروحات لكل القوى السياسية، فكانت محل توافق وطني حولها. المواقف المبدئية اتجاه قضايا العدالة والسلام والحرية ورفض العدوان ومناصرة القضية الفلسطينية وحركات التحرر الوطني. مقابلة الإساءة بالاحسان والصفح والتسامح (من فشَّ غبينتو خرب مدينتو). هذه بعض رؤوس أقلام عن نهج الامام الصادق المهدي عليه الرضوان في ذكرى رحيله الثانية. اللهم اغفر له و ارحمه برحمتك الواسعة..