يعتقد البعض أن أوروبا وامريكا أو الغر ب عموما كله ملاهي ومواخير ومثليون وانحراف ..إلخ، ولقد راجت هذه الأفكار بكثرة في عالمنا العربي بعد المنازعات التي شهدها كأس العالم في قطر، وهى في حقيقة الأمر ليست سوى زوبعة في فنجان لا تهم سوى قلة في الغرب تدعمهم بعض أجهزة الاعلام والشركات الضخمة ذات النفوذ التي تؤثر على بعض السياسيين لخدمة مصالحها ومن تدعمهم بدعوى احترام الحريات الشخصية وحقوق الإنسان، غير أن معظم الغرب او الغربيين مواطنون محافظون وأغلبهم متدينون وجادون جدا في عملهم وحياتهم وإلا لما وصل الغرب الى ما وصل إليه من تطور وتقدم في كل المجالات !
في الغرب الواحد لو ما اشتغل ما بياكل عيش وما بتطور، موش زي السودان الواحد يكون عمره كله عاطل وماكل أحسن أكل ولابس أحسن لبس، وفي جيبو موبايل و قروش وعلبة سجاير وينفخ اليوم كلو!
لمن جيت السودان في إحدى العطلات كان عندي شغل في البيت، حاجات بسيطة كده عايزة تصليح أو تغيير .. حنفيات، أقفال دواليب ..إلخ، فضلت أطارد في الصنايعية كم يوم لدرجة اني كنت بمشي ليهم في بيوتهم، ولو لقيت الواحد صاحي وما جات أمه أو اخته وقالت ليك نايم، يقول ليك أمشي أنا بحصلك، ولمن تمشي تقعد تنتظره بالساعات وما يجي ويضيّع زمنك في الفاضي، ولمن تتصل عليو في الموبايل يا ما يرد عليك، ولو رد يقول ليك عندنا بكا أو أي عذر تاني.. والله العظيم ده كان البيحصل.. ولو جبت صنايعي من السوق يا طلع ما بعرف حاجة، أو طمع فيك داير يطلع حق الاسبوع كله منك!
مشيت سوق أم درمان إشتريت لي صندوق لمبات ومعدات كهربائية بالشي الفلاني، قلت للبائع وهو شاب وكان معاو كم شاب قاعدين في الدكان بتونسوا ..ممكن واحد يودي لي الحاجات دي العربية عشان عندي عملية وممنوع أشيل حاجة تقيلة، قال لي ديل ما شغالين هنا، قلت ليو طيب ممكن تشوف لي واحد من برة وأنا بدفع ليو حق الشيل، قال لي بنرفزة أمشي شوفوا براك يا حاج مافي زول فاضي!
لو عندك مصلحة في جهة حكومية الله يكون في عونك ..فطور بالساعات وجرايد وحافلات تودي وتجيب من البكيات وفلان ما جه الليلة عيان، وفلانة ولدها عنده عملية ومهازل من النوع ده ومعظمه كذب، ونفس الناس ديل هم البقعدوا يشخصوا حالة البلد ويطلعوها ما نافعة !
الكلام ده في الغرب مافي .. في الشغل مافي ونسة وموبايلات وفطور وجرايد وفواتح ولت وعجن، الشغل شغل، 8 ساعات يعني 8 ساعات ما ينقصوا دقيقة واحدة، منهم 30 دقيقة للغدا و15 دقيقة بريك قبل نهاية اليوم، في أي مكان عمل مهما كان نوعه، كل ساعة محسوبة بالسيسي، وكل زول أداؤه معروف ومحسوب من أصغر عامل لي أتخن زول، ولو حسبتك طلعت بالخسارة او خالفت قواعد العمل طوالي بتترفد ويجي غيرك، والبرفدك ما المدير ولا الوزير ..البرفدك رئيسك المباشر ومافي زول ولا نقابة ولا اضراب ولا محكمة ولا جن ازرق بيرجعك!
المرتبات بتتحسب بالساعة موش بالشهر، تشتغل ما تشتغل جيت ولا ما جيت بتاخد مرتبك، وعندك 10 يوم في السنة لحالات المرض مدفوعة القيمة وما في يوم واحد زيادة، أي يوم زيادة بيتخصم منك، ولو غبت بدون سبب طوالي تمشي بيتكم وتشوف رزقك في محل تاني، أو تقدم للمعونة الحكومية يدوك حاجة كده ما بتجيب مريسة تام زين ويفضلوا يطاردوك لحدي ما تشتغل، ولو عندك مرض بيتطلب غياب اطول بيعملوا ليك (إستغناء مرضي)، وتقدم لصندوق التأمينات يدفع ليك حسب الخصم من مرتبك، ولو الخصم ما بيغطي أو ما بتستحق تأمين وظيفي يا تقدم للمعونة الحكومية أو لـ (صندوق العجز الصحي) إذا كنت عاجزاً عن العمل، يدفع ليك حق الأكل والشراب والعلاج فقط، ما في أكتر من كده، يعني تعيش الكفاف!
الإجازة السنوية 3 اسابيع فقط، موش 45 يوم، والاجازة الاسبوعية للراحة والتجديد عشان الواحد يستعد للشغل بطاقة كويسة ونفس مفتوحة، موش للملاهي والمراقص والمواخير والحوامة واللف والدوران شغلة بلا مشغلة، والواحد يجي الشغل هلكان أو بدون نفس ويغيب علي كيفه!
الأطفال بيتعلموا من أول يوم في المدرسة إنو الشغل قيمة للإنسان (ما مهم نوعه شنو)، وفي برامج كتيرة لتحفيز الأطفال مقابل أشغال خفيفة في المدارس عشان يشجعوهم، ولمن يصلوا عمر 16 سنة لازم يشتغلوا في العطلة المدرسية حتى لو كان اهلهم أغنياء، عشان لمن يكبروا يعتمدوا على نفسهم، ومعظم الاطفال لمن يصلوا سن 18سنة بيعيلوا أنفسهم، وفى كتيرين (بنات واولاد) بينفصلوا من أسرهم ويعيشوا براهم، موش زي ما انحنا فاهمين أنو أهلهم بطردوهم، ما في أسرة بتطرد أطفالها، لكن عشان يستقلوا بحياتهم، ويبنوا مستقبلهم بنفسهم، حتى في الموت لازم تعتمد على نفسك وتشترى قبرك قبل ما تموت، موش زينا الواحد يكون معتمد على غيره لحدي ما يموت، ولمن يموت يلقى البدفنو!
الغرب اتبنى بالعمل الشاق موش بالصياعة والانحراف وانو كلهم صايعين ومنحرفين زى ما الكتير مننا فاهمين، وانحنا لو ما غيرنا طريقتنا وسلوكنا ومناهجنا وقوانينا وبطلنا الدلع، حنظل عمرنا كله متخلفين وجيعانين وفقرانين وشحاتين.