هذا اليوم يستحق أن يوصف بأنه بوم البسالة والحماسة والرقص والطرب الأفريقي الجميل في اطار فعاليات مونديال قطر ٢٠٢٢ .
كأس العالم في قطر يتميز بأنه ساحة تجمع بين تقديم جماليات كرة القدم وابداعات ثقافة وفنون الشعوب،وخصوصا شعوب المنطقة ، التي قدمها ويقدمها مشجعون من الجنسين ، في الملاعب أو سوق واقف ،أو كورنيش الدوحة ومواقع أخرى .
ايقاعات هذا اليوم مصدرها نبض افريقي دافيء ومثير للاعجاب شهده العالم ووقف على روعته في مدرجات المونديال التي اهتزت و رقصت مع الأفارقة ،وهم يتميزون -نساء ورجالا – بحماسة تهز وجدان أي انسان يتذوق و يحترم ثقافة الشعوب وابداعاتها وايقاعاتها .
اذا كان منتخب الكاميرون قد حقق انتصارا بتعادله ٣-٣ مع نظيره الصربي الخطير الذي يلعب كأنه خلية نحل ،فان انتصار غانا على كوريا الجنوبية٣-٢ اليوم ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٢ عكس وجدد ريادة أفريقية قديمة ومتجددة في عالم المستديرة .
هذه الريادة يرفع لواءها حاليا بعض الدول الإفريقية وبينها دول عربية افريقية مهمة وفاعلة كالمغرب التي فازت أمس فوزا بطعم عربي وافريقي وعالمي وثلاثي الأبعاد والدلالات والنكهة .
أما أهداف (النجوم السوداء) الغانية الثلاثة اليوم التي هزت مرمى الحارس الكوري الجنوبي كيم سونغ ، وأدت الى سكون وهدوء في عاصمتهم التي لمست حيويتها وجمالها هناك عن قرب قبل سنوات عدة فقد اشعلت تلك الأهداف الجميلة حماس الأفارقة وأشواقهم لمزيد من الانتصارات وبين المشتاقون الأفارقة لطعم الفوز عرب يشكلون نسبة مرتفعة من سكان القارة السمراء ،بعدما أوجعتهم هزائم متعددة الأشكال والأنواع،من صنعهم ومن صنع آخرين.
الأداء الأفريقي الغاني جاء بطوليا وصمد في وجه عمليات الاكتساح الكورية الحيوية ،المتواصلة ،وقد شكل ذلك مصدر اثارة وحماسة في مدرجات ملعب (المدينة التعليمية) التي تضم عددا من أعرق الجامعات العالمية.
أشير لمناسبة الحديث عن ملعب المدينة التعليمية أن تلك المدينة الرائعة بمبانيها الفخمة وأهدافها العصرية النبيلة هي ثمرة من ثمار (مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع) ، المعروفة باسم Qatar Foundation ومازلت اذكر تفاعلات افتتاحها في العام ١٩٩٥، (وليس الآن محل الحديث عن أبرز حدث شهده الافتتاح ) لكنني أقول الآن أن الافتتاح التاريخي جرى بحضور أمير قطر آنذاك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (الأمير الوالد) حاليا وزوجه الشيخة موزا بنت ناصر رئيسة المؤسسة .
الجامعات العالمية التي ضمتها المدينة التعليمية تقدم تعليما بمستوى غربي وتتيح للطالبة والطالب فرص الدراسة في بيئة شرق أوسطية تسودها ثقافة يعرفها ويتفاعل معها، كما توفر لطلاب قطر والمنطقة أفضل فرص التعليم من دون سفر الى دول بعيدة .
هذا المشروع النوعي نتاج رؤية الشيخ حمد ويعود لرئاسة الشيخة موزا بنت ناصر ل( مؤسسة قطر) فضل كبير في انجاح وقيادة نهضة تعليمية نوعية غير مسبوقةً في قطر .
أعود لأجواء مدرجات (المدينة التعليمية) في قطر فأقول إنها أطلقت اليوم غناء ورقصا افريقيا حيويا وبمشاركة فاعلة من حواء الغانية والكاميرونية و شقيقات وأشقاء من دول أخرى، وبعزف مشترك مع (اخوان البنات) كما نقول في السودان .
هذا الطرب الافريقي أرسل رسائل الى التاريخ تقول إن المشاركة الافريقية في مونديال قطر عكست حيوية وجمال النبض الافريقي والعربي في آن ،وأن الهدف الثالث لغانا الذي أحرزه محمد قدوس لم ينتصر لغانا وحدها بل لافريقيا بافارقتها وعربها.
التحية مستحقة اليوم لنجوم غانا والكاميرون ولمن اشعلوا المدرجات بالغناء والرقص و نبض الحماسة والشهامة والبسالة الافريقية .
قلت أمس في تعليق بشأن انتصار المنتخب المغربي الباهر على نظيره البلجيكي ٢- صفر أن مونديال قطر عنوانه مفاجآت سارة وأن البقية تأتي،وهاهي نجوم غانا والكاميرون قدمت أحدث دليل.
هذا الابداع وبعيدا عن أية نزعة عنصرية بغيضة هو نتاج دماء افريقية ساخنة وحيوية يجري الابداع في شرايينها، وتحتاج الى مزيد من الرعاية والدعم والاهتمام الحكومي والشعبي،في اطار اهتمام أشمل بحقوق الانسان، كي تعود بعض الدول العربية الافريقية التي كانت حاضرة بقوة في المشهد الرياضي الى حال التوازن والمشاركة الفاعلة .
أي أن الاهتمام بالانسان وحقوقه كافة شرط من شروط الابداع..
لندن ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٢
قطر تحدت ونجحت وصارت استثناء في دول العالم علي كل الأصعدة وكما نقول لمن يأتي خلفها قطر ىمت قفاز التحدي في وجهكم بجعل المونديال مونديال لكل الخياةكمشروع ثقافي حيوي وأنها دولة الإنسانية الراشدة في سموها نحو الكمال