في تصريح صحفي أعلنت قوى الحرية والتغيير توقيع الاتفاق الأطاري الذي يجمعها مع بقية قوى الإعلان السياسي والجيش والدعم السريع يوم الاثنين القادم، وهي خطوة اذا اكتملت وفق رؤى الإعلان السياسي ودستور لجنة المحامين فانها ستقود إلى تشكيل حكم مدني كامل يكون فيه للمدنيين اليد العليا كما هو شأن كل الدول التي تحترم أدمية شعبها وإنسانية مواطنيها.
يقف ضد هذه الخطوة تياران هما أقصى اليمين واقصى اليسار، مما يؤكد ان الاتفاق اذا اكتمل سيكون اتفاق الوسط، وخير الأمور اوسطها، وشعب السودان شعب وسطي، لا يفجر في الخصومة ولا يعرف الكراهية المطلقة.
تفاصيل الاتفاق الإيطاري مازالت مبهمة، والشيطان في التفاصيل، فهل ستقصم التفاصيل ظهر الاتفاق ام تتجاوزها الأطراف؟! هذا هو التحدي الاضخم، فتفاصيل معالجة قضايا مثل قضية العدالة وحقوق الشهداء، اذا لم يتم الاتفاق حولها بشكل شفاف وصريح على ان ينال القتلة عقابهم وفق القانون، وأن لا يفلت جان من العقاب، فان هذا الاتفاق سيمضي إلى حتفه سريعا.
تفاصيل الخطوات المستقبلية حول بناء السلطة الانتقالية كذلك غير واضحة، وهذا قد يجعلها حلبة صراع شرسة بين أطراف العملية السياسية مما قد ينسف الاتفاق مبكرا، لذلك مطلوب الاتفاق منذ الان وبشكل شفاف وواضح ان تتكون الحكومة الانتقالية القادمة من تكنوقراط مستقلين.
ملف اتفاقية جوبا سيكون أحد خمائر العكننة للاتفاق، الحديث عن مراجعة الاتفاقية وتعديلها مبهم وهلامي، ويعكس عن رغبة عاطفية في محاسبة الجبهة الثورية على مشاركتها في سلطة الانقلاب اكثر من كونها رغبة موضوعية لمعالجة إشكالات حقيقة داخل الاتفاقية.
رفض لجان المقاومة الاشتراك في الاتفاق الايطاري مفهوم، فهي قوى ضغط وجحافل شارع وليست قوى سياسية منظمة، مع ان الجو الذي سيصنعه هذا الاتفاق قد يمثل مناخا مواتيا لها لكي تساهم في تشكيل وتثبيت اركان الحكم المدني وشروطه من حرية ومحاسبة وحكم قانون من خلال مراقبتها وحراستها وضغطها، وهو اعظم وادق دور، ويتطلب وعيا دقيقا بالمرحلة، كما يتطلب خروج اللجان من أسر واغلال بعض افرادها الكارهين للاحزاب.
الحرية والتغيير المجلس المركزي مازالت قائد للسياسة السودانية وتثبت باستمرار ان ممارسة السياسية عندها ليست انغلاقا فكريا ولا جمودا اخرقا حول المواقف وانما احترام راسخ للمباديء واستثمار للفرص السانحة لتحقيق احلام وتطلعات الشعب في اقامة الحكم المدني وتوحيد الجيش واستقرار الوضع السياسي، وهي اهداف ظلت تناضل من اجلها الجماهير، وفي تحقيقها نجاح لثورة ديسمبر وتتويجا لنضالات الشعب السوداني عبر التاريخ.
يوسف السندي
sondy25@gmail.com