رغم ما حمله الاتفاق من صيغة حكم مدني مشجعة الا ان التحديات التي تواجه الاتفاق الاطاري ضخمة جدا، فهو مرفوض من قبل قوى اليمين وقوى اليسار ومن قبل أصحاب الاطماع في الجيش والامن والدعم السريع.
المطلوب من قادة الاتفاق المدنيين ان يجلسوا إلى كل القوى السياسية المدنية الممانعة وإلى لجان المقاومة من أجل مناقشة تفاصيل القضايا الخمس ( العدالة، الجيش الواحد واصلاح الامن، سلام جوبا، تفكيك التمكين، قضية الشرق) وقضايا الدستور والانتخابات والسلام مع بقية الحركات، وقضايا تكوين أجهزة السلطة الانتقالية وصلاحياتها.
اي قوة جديدة تدعم هذا الاتفاق ستقوي من فرص تحويله إلى واقع، واي قوى تخرج عنه ستضعف من تنفيذه، لذلك هو اتفاق يصارع فيه المؤمنين به رياح عاتية لا تقبل منهم الاستسلام ولا الهدنة.
كذلك مطلوب مخاطبة الجماهير في القرى والمدن والحلال من قبل القوى السياسية الموقعة على هذا الاتفاق وفي مقدمتها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني وهما الحزبين الوحيدين اللذين لم يشاركا في حكم البشير، ويتمتعان بناءا على ذلك باحترام داخلي ودولي كونهما ظلا يحملان هم بناء الدولة المدنية الديمقراطية طيلة عقود الإنقاذ الثلاث ولم يستجيبوا للمغريات والارهاب الذي مارسته الانقاذ.
مخاطبة الجماهير بتفاصيل الاتفاق وبمضامينه واشراك الجماهير في مناقشة القضايا الخمس وغيرها من القضايا سوف يؤدي إلى التفاف جماهيري حول الاتفاق وهو ما سيقوي من قيمته ويعزز من فرص تنفيذه.
سيؤثر الاتفاق على حراك الشارع، ولكن وجود حراك مستمر في الشارع سواء ضد الاتفاق نفسه او ضد محاولات الظلاميين لفرض دولة شمولية، هو اكبر حارس لعملية التحول المدني، فالتحول من الشمولية إلى المدنية لن يتم بين ليلة وضحاها وانما يحتاج إلى عمل متواصل واجتهاد سياسي وعزم جماهيري وشارع صاحي.
ستحاول قوى اليسار واليمين اختطاف صوت الشارع، ولكن كليهما لا يملكان مشروعا مدنيا ديمقراطيا محفزا، ولا يتمتعان بثقة رجل الشارع العادي، وبالتالي أقصى ما يمكن ان تصل اليه هذه القوى هو عبر ركوب ظهر الجماهير الغاضبة اذا فشل تنفيذ هذا الاتفاق او (تلكلك).
الاتفاق يبدو ككوة مفتوحة للضوء في نفق مظلم، هل تتسع شيئا فشيئا ليعم النور السودان ام ستمتد ايادي الظلام والشمولية لاغلاق هذه الكوة وحرمان الشعب من فرصة جديدة لبناء دولة مدنية مستقرة؟!!!
يوسف السندي
sondy25@gmail.com