تناول الدكتور عبدالمحمود أبو في خطبة الجمعة بمسجد الهجرة بودنوباوي (9 ديسمبر 2022م) الذكرى الرابعة والسبعون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر عام 1948م، فقال” جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لوضع حد للانتهاكات التي تقع على الإنسان ولقفل الباب لحقبة سوداء خيمت على الحياة البشرية، وفتح صفحة جديدة لحياة إنسانية تقوم على صيانة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وكرامته الإنسانية.
إن منهج الإسلام في تحديد موقفه من العطاء الإنساني؛ ليس هو الرفض المطلق، ولا القبول المطلق، وإنما يتعامل مع كل عطاء إنساني بمنهج الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها”.
وتناول الوضع الراهن فالسودان، فأوضح أن “الشعب السوداني عانى من انفراط الأمن وضيق المعيشة وغلاء الأسعار وتردي الخدمات وغياب الحكومة، حتى كاد أن يصل إلى مرحلة اليأس”، مشيراً إلى أن الاتفاق الإطاري “استعاد الدولة السودانية لمسارها الصحيح بتحديد المسئولية عبر توافق بين المكون العسكري المسيطر على مفاصل الدولة، والمكون المدني المتغلغل في الشارع الثوري؛ ويرجى أن يتسع ليشمل أكبر دعم شعبي من القوى السياسية الممانعة والمتحفظة بعد أن اتضح أنه لا يسيطر عليه أحد ولا يقصي أحدا؛ بل هو مفتوح لإضافة أي رؤية تعزز من أهدافه الأساسية ( الحكم المدني، والحرية، والعدالة، والمساوة، والسلام، والمواطنة، والعلاقات الخارجية المتوازنة والمحققة للمصالح الوطنية، والتزام كل مكون بالمهام المخصصة له)”.
وهنا نص الخطبة:
أعوذ بالله من الشيطن الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وجعله خليفة في الأرض، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله القائل: يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ولا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى؛ إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟ ألا فليبلغ الشاهد الغائب صلوات ربي وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد؛
قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً صدق الله العظيم
أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز
تمر بنا غدا الذكرى الرابعة والسبعون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر عام 1948م. وهو إعلان جاء عَقِبَ الحروب الدامية التي شهدتها الإنسانية وأشهرها الحربين العالميتين؛ فقد خلفت الحروب آثارا فظيعة على الإنسان والعمران والحيوان والبيئة ورأى الإنسان فظاعة الحروب ووحشيتها وكيف أن البشر الوديع في ظل الحرب يتحول إلى وحش كاسر يدمر كل ما بناه بيده.
لقد اندلعت الحروب لأسباب مختلفة: دينية وسياسية وعرقية ومطامع اقتصادية واستعمارية؛ واستعملت فيها كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، وكانت أوروبا واليابان من أكثر الدول تضررا؛ فتحرك العقلاء لوضع ميثاق يضع حدا للحروب وآثارها وإلزام الدول بإعلاء كرامة الإنسان وصيانة حقوقه وحرياته.
جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لوضع حد للانتهاكات التي تقع على الإنسان ولقفل الباب لحقبة سوداء خيمت على الحياة البشرية، وفتح صفحة جديدة لحياة إنسانية تقوم على صيانة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وكرامته الإنسانية.
إن منهج الإسلام في تحديد موقفه من العطاء الإنساني؛ ليس هو الرفض المطلق، ولا القبول المطلق، وإنما يتعامل مع كل عطاء إنساني بمنهج الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. وهو منهج أَصَّلَهُ القرآن الكريم وجسدته السنة النبوية؛ ففي القرآن الكريم جاء قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وفي السنة النبوية قال صلى الله عليه وسلم عن حِلْفِ الفضول الذي شهده قبل بعثته في دار عبدالله بن جدعان ” لو دُعِيتُ إلى مثله في الإسلام لأجبت” بناء على هذا المنهج قدم الحبيب الإمام الصادق المهدي عليه من الله الرحمة والرضوان عام 1998م أطروحة بعنوان : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي وبعد دراسة معمقة قدم التوصيات الآتية:
- هنالك تطابق جوهري بين مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والإسلام لا سيما فيما يتعلق بكرامة الإنسان وإخائه، وكرامة النفس الإنسانية، والحريات الاساسية.
- احترام الهوية الثقافية واجب. ينبغي ضم حق الهوية الثقافية لحقوق الإنسان.
- إن المخاطر المحيطة بالبيئة تشكل خطراً على حقوق الاجيال القادمة. إن حقوق أجيال المستقبل يجب تعريفها واحترامها.
- إن مشكلة الفقر في جنوب العالم تهدد جزءاً كبيراً من الإنسانية بالحرمان من حق أساسي هو الحياة. على الامم المتحدة أن تقوم بمبادرات مكثفة للقضاء على الفقر والجوع في العالم.
- إن للأديان اليوم موقفاً ايجابياً مع حقوق الإنسانية. المطلوب عقد مؤتمر جامع للأديان لمراجعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لإثرائه روحياً وخلقياً ومباركته وقفل الباب محكماً أمام الاحتجاج بالتنوع الديني والخصوصية لحماية نظم الاستبداد والطغيان.
- نعم للمحكمة الجنائية العالمية الدائمة لمحاكمة المجموعات الاربعة من الجرائم، لا سيما الجرائم ضد الإنسان. ينبغي أن تجعل الامم المتحدة الالتزام بحقوق الإنسان شرطاً لعضويتها.
- ان انتهاك حرمة الأفراد لأغراض سياسية، وللاغتيال الأدبي للأشخاص، قد أدى للمفاسد والترويج للمشاهد الفاضحة. اقتباسا من الإسلام ينبغي النص على احترام الحرمات الشخصية دون التراخي في محاربة الرذيلة. إن كفالة الحرمات الشخصية حق إنساني. انتهى.
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وتتجلى مظاهر تلك الكرامة في الآتي:
أولا:
حدد وظيفته قبل خلقه حيث خاطب الملائكة قائلا: ” إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً “
ثانيا:
أمر الملائكة بالسجود له قائلا: ” فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ”
ثالثا:
كرمه بالعقل والحرية وحق الاختيار، قال تعالى: ” وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”
رابعا:
سخر الكون لخدمته قال تعالى: ” اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي البَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”
خامسا:
كرمه بإرسال الرسل من بني جنسه ليبلغوه مراد الله قال تعالى: ” ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ”
سادسا:
حرم انتهاك حرمته، قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”
سابعا:
وسع عليه مجال التوبة وتكفير السيئات، قال تعالى: ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ”
إن الإسلام يحصن حقوق الإنسان بعدة قواعد:
القاعدة الأولى: جعلها أمانة في أعناق كل المؤمنين مطالبون بالمحافظة عليها وصيانتها. القاعدة الثانية : أعطاها بعدها الإنساني بعيدا عن الفوارق الطبقية والنوعية فهي حقوق لكل الناس. القاعدة الثالثة: جعلها شاملة وإيجابية وأعطاها قوة التنفيذ القاعدة الرابعة :
عزز سلطة القانون الحامي لتلك الحقوق بسلطة الضمير الديني القاعدة الخامسة : ارتباط حق التشريع بالله سبحانه وتعالى يضيق من فرص ظهور السلطة المطلقة أو السلطة الدينية.
الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: ” هل تدرون من المفلس؟” قالوا المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال : ” إن المفلس من أمتي: من يأت يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة، ويأتي قد شتم عرض هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، فيقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار “رواه مسلم أوكما قال يغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين. الخطبة الثانية
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا محمد وآله مع التسليم
وبعد
قال تعالى: قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيمٍ صدق الله العظيم
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
درست هيئة شؤون الأنصار في جهازها التنفيذي ، نص الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه بين المكون المدني والمكون العسكري، والذي يهدف لاستعادة الحكم المدني الانتقالي لإكمال المرحلة الانتقالية، وبعد نقاش مستفيض لبنود الاتفاق وأهدافه، قررت بالإجماع الترحيب به ودعمه باعتباره يمثل الحد الأدنى الممكن التوافق عليه في هذه المرحلة من تاريخ بلادنا؛ وهنالك مطالب كثيرة ليس من شأن الاتفاق أن يلبيها لطبيعته الانتقالية، فالمطالب التي تحتاج إلى حوار أوسع وتفاوض بين جميع مكونات المجتمع مكانها المؤتمر القومي الدستوري والحكومة المنتخبة المفوضة من الشعب السوداني؛ وبناء على ذلك واستكمالا للمهمة الشاقة التي تتطلب تنزيل الاتفاق لأرض الواقع نقول الآتي:
أولا : نشكر كل الذين ساهموا وبذلوا جهدهم للوصول لهذا الاتفاق من أصحاب المصلحة في المكون المدني والمكون العسكري والوسطاء الإقليميين والدوليين، والاشقاء والشكر الخاص للجان المقاومة والثوار الذين صمدوا خلف مطالبهم حتى تمت الاستجابة لها، ونحيي الذين استشهدوا والجرحى والمصابين وأسرهم وتقول لهم إن تضحياتكم حققت بعض أهدافها وستتحقق البقية بإذن الله بدعمكم وحراستكم ومراقبتكم لتنفيذ هذا الاتفاق الإطاري.
ثانيا : إن أزمة الحكم في السودان عميقة وُلِدت مع ميلاد الدولة، وظلت تؤرق كل الأنظمة الوطنية منذ الاستقلال؛ وقد أدرك السودانيون أن سبب الأزمة يكمن في غياب المشروع الوطني الذي يلتف حوله المواطنون باختلاف توجهاتهم للنهوض بوطنهم لمصاف الدول المتقدمة القادرة على حماية نفسها وتوظيف مواردها لإسعاد شعبها؛ هذا الغياب جعل نظم الحكم متقلبة بين الشمولية القابضة والديمقراطية غير المحصنة، والانتقالية المهزوزة؛ جاء هذا الإتفاق ليحسم هذا الاضطراب ويؤكد مدنية الدولة، وتحديد مهام مكوناتها العسكرية والمدنية والسياسية والعدلية والشرطية والمخابراتية؛ ليلتزم كل مكون باختصاصاته وفق القانون ويحترم الدستور الذي يختاره الشعب بإرادته الحرة.
ثالثا : هذا الاتفاق محصور في الفترة الانتقالية، وقد حدد القضايا التي يعالجها وهو برنامج الحد الأدنى الذي يهتم بالقضايا الكلية التي جسدتها شعارات ثورة ديسمبر والمتمثلة في الحرية والسلام والعدالة ونظرا لمحدودية الفترة الانتقالية وعظم القضايا التي تواجهها وتشعبها؛ فإنه يتعذر عليها تلبية كل المطالب التي يرجى أن تعالجها الأحزاب السياسية من خلال برامجها التي تتقدم بها للشعب السوداني ليختار بإرادته الحرة البرامج التي تلبي طموحاته، ويفوض من يمثله لتحقيقها. عليه فمطلوب من كل حزب يرى أن برنامجه هو الأصلح أن يتقدم به للشعب السوداني في نهاية الفترة الانتقالية ليقرر بشأنه.
رابعا : لقد عانى الشعب السوداني من انفراط الأمن وضيق المعيشة وغلاء الأسعار وتردي الخدمات وغياب الحكومة، حتى كاد أن يصل إلى مرحلة اليأس؛ هذا الاتفاق استعاد الدولة السودانية لمسارها الصحيح بتحديد المسئولية عبر توافق بين المكون العسكري المسيطر على مفاصل الدولة، والمكون المدني المتغلغل في الشارع الثوري؛ ويرجى أن يتسع ليشمل أكبر دعم شعبي من القوى السياسية الممانعة والمتحفظة بعد أن اتضح أنه لا يسيطر عليه أحد ولا يقصي أحدا؛ بل هو مفتوح لإضافة أي رؤية تعزز من أهدافه الأساسية ( الحكم المدني، والحرية، والعدالة، والمساوة، والسلام، والمواطنة، والعلاقات الخارجية المتوازنة والمحققة للمصالح الوطنية، والتزام كل مكون بالمهام المخصصة له).
خامسا : التزم الاتفاق بالقضايا الكلية المتفق عليها من معظم السودانيين وأرجأ القضايا المختلف عليها مثل : (العدالة، والعدالة الانتقالية، وجبر الضرر، وقضايا الدين والدولة، والهوية، واستعادة الأموال المنهوبة، وغيرها ) لتعالج في مناخ معافى من الاستقطاب، والتهييج، والمزايدة، وعبر الحوار الهادئ، وعن طريق آليات تتوفر فيها العدالة والحيدة والرضا العام؛ إحقاقا للحق وإبطالا للباطل بعيدا عن التشفي وظلال الأيديولوجيات والانتقام.
سادسا : ما يميز هذا الاتفاق أنه تم داخل السودان وبإرادة سودانية خالصة، وكان دور الوسطاء الإقليميين والدوليين دور المسهل والمساعد في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وهو دور محمود يشكروا عليه؛ بينما الاتفاقيات السابقة تمت خارج السودان في أبوجا ونيفاشا والدوحة؛ ولم يكتب لها التوفيق؛ إن التحفظ على بعض فقراته مفهوم والنقد مطلوب لتجويده، ولكن الاعتراض من أجل الاعتراض دون تقديم البديل الأفضل يدخل في باب عدم الموضوعية.
سابعا : وجد هذا الاتفاق تأييدا إقليميا ودوليا محترما في ظل الأوضاع الحالية لبلادنا والعالم مشغول بقضايا كبرى تؤثر على الأمن والسلم الدوليين؛ هذه الفرصة التاريخية يجب استغلالها وتوظيفها فالعبرة ليست في النصوص المكتوبة وإنما العبرة بالروح الصادقة الملتزمة بالوفاء بالعهود والالتزام بجوهر المواثيق؛ قال تعالى:
” وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ “
وعليه فإن الأطراف الموقعة مطالبة بخطوات سريعة لتنزيل جوهر الاتفاق لأرض الواقع، وذلك كالآتي:
الخطوة الأولى: الإسراع في اختيار رئيس وزراء من أهل الكفاءة والخبرة لتشكيل حكومته لسد الفراغ الحالي في الدولة.
الخطوة الثانية الاتصال بكافة الأطراف المتحفظة من أصحاب المصلحة لتوضيح النقاط المتحفظ عليها، واستصحاب الآراء التي تساعد على تجويد وإحكام الاتفاق، فكل جهد بشري قابل للتعديل والإصلاح والإكمال،
والخطوة الثالثة القيام بنشاط توعوي وتثقيفي مكثف لشرح وتوضيح أهمية الاتفاق للشعب السوداني لدعمه.
إن بلادنا تمر بمرحلة حرجة ، وشعبنا عانى كثيرا في حياته، وشبابنا قدموا أرواحهم فداء لمطالبهم المشروعة؛
آن الأوان ليتجاوز الجميع محطة التخندق، ويوقفوا الاستقطاب والاستقطاب المضاد، وبتوجهوا جميعا لبناء الوطن ومعالجة القضايا العالقة بالتفاوض والحوار مقدمين مصالح الوطن العليا على أي اعتبار .
قال تعالى: ” لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً”.
اللهم أحفظ بلادنا من الفتن ما ظهر
منها ومابطن، ووفق شعبنا على توحيد الكلمة واتفاق القول لإصلاح حال البلاد والعباد وهيئ لنا من أمرنا رشدا؛ اللهم تقبل أبناءنا الذي ضحوا من أجل الوطن شهداء عندك وفرحهم باتفاق من خلفهم على الأهداف التي استشهدوا من أجلها.
عباد الله ” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.