لا يظنن أحد أنه بمأمن من النهب المباغت، أو ما يسمى في الاصطلاح السوداني الساخر بـ (9 طويلة)، فالأمر لم يعد يتم فقط في الشوارع المهجورة أو الأماكن القصية من المدن، لكنه بات يتم أيضاً في رابعة النهار أمام أعين الناس، ولا يستثنى ذكورا أو إناثا.
“اخطف واهرب” .. هو شعارهم، وفي كثير من الأحيان لا يتورعون عن استعمال السكاكين والخناجر وربما السواطير وحتى المسدسات في الترويع وسلب الغنائم.
المسألة ليست “حكايات” ترويها السوشيال ميديا أو بلاغات الشرطة، لكنها واقع أليم يحدث بأضعاف أضعاف ما تحصيه حكايات الأسافير، بل وأضعاف أضعاف ما تدونه الشرطة في أضابيرها، فمن يتعرضون للظاهرة يستعوضون الله فيما تعرضوا له من ترويع وخسارات مادية فادحة، ويكتفون برواية ما حدث للمقربين.
غيرنا ليس بعيدا عن هذه الممارسة، فالنهب في الشوارع على طريقة (9 طويلة) تعرفه الكثير من بقاع العالم، لكنه مجازفة يفكر مرتكبها ألف مرة قبل الإقدام عليها. وهذا ما نريد أن يكون في السودان.
أعجب ما في الأمر أن قادة البلاد اليوم، الذين فشلوا بجدارة في (السياسة) .. فشلوا أيضا بامتياز في ضبط الأمن، اللهم إلا ما يجودون به من القنابل المسيلة للدموع أو الرصاص في صدور الشباب المعبرين سلميا عن قناعاتهم السياسية !
الردع المبدئي لممارسي النهب في الشوارع يكون بفرض الأمن الحقيقي، والاستعانة بكاميرات الطرق، والوجود البشري المنتشر للأمنيين. لكن الرادع الأهم هو الإعدام أو التأبيد لمن يرتكب هذا الجرم استئصالاً للداء الذي بات ينخر في أمن المجتمع بكل بشاعة بل ويمتد للأسر داخل بيوتهم.
كل فرد فينا، آباء وأبناء وأخوات وبنات، يمكن أن يكون ضحية لهذه الممارسات، فإذا لم يكن باستطاعة الدولة ونظامها القائم حسم الأمر، فليتركوا الأمر للناس .. ليمارسوا الردع بالطريقة التي يعرفونها.
وهذا ما بات يلوح .