لم نقل أن فساد البترول هو كل فساد الإنقاذ…! فقد كان فسادها شاملاً ومرعباً وبحجم أقرب إلى أساطير الغول والسعلاة..وبأحابيل وحيل ووسائل شيطانية حار فيها عفاريت البر والبحر.. وبأساليب من الدغمسة فاقت كل قياسات ومصفوفات مؤسسات الرقابة في دول العالم الكبرى والصغرى ومنظماته ذات الشأن في مطلوبات الشفافية والحوسبة والحوكمة..!
وسبق أن أوضحنا كيف أن الإنقاذ اتجهت منذ يومها الأول إلى تفكيك مؤسسات الرقابة وفك ولاية المال العام المركزية ونقل مال الدولة في ظهور سيارات (الصحابة الجدد)..وكان إلغاء الجهات الرقابية بمثابة تمهيد الأرض لأمرٍ قادم.. مثلما يقوم لص (أكرمكم الله) بقتل كلب حراسة المنزل (في اليوم السابق) حتى يهيئ المسرح للحفلة القادمة الذي يتم فيه التجريد والتشليح و(تغبية الأثر)..!!
وكانت الخطوة الموازية والعاجلة لعصابة الإنقاذ تدجين مؤسسة القضاء و(خلط غزلها) وسلب مهنيتها..! فقد قاموا بتنصيب قضاة مزيفين يتبعون للمؤتمر الوطني لا للقَسَم الذي أدوه؛ وأقامواً جهازاً قضائياً في كل ولاية على رأسه (أجارك الله) قاضٍ بمثابة (الحكمدار) يعمل بسلطات إدارية تنفيذية لتعطيل العدالة وتوجيه الرياح..! ومعه قاضٍ خاص بالقضايا التي قالوا إنها (موجهة ضد الدولة)..وكان من سوء سمعة أحدهم في العاصمة أنه قام بأكل قروش وعقارات الذين هاجروا من السودان من الهنود والأرمن والإخوة المسيحيين في أيام الإنقاذ الأولى خشية من البطش والقتل..ثم في مرحلة لاحقة فعل ذات (النهبوت) مع الإخوة الجنوبيين الذين طردتهم عنصرية الإنقاذ..!
طبعاً كان الغرض من ذلك خلق بيئة مواتية للفساد القادم..وهذا يعني أن الإنقاذ منذ أن جاءت في يومها المشؤوم كان هذا هو غرضها وهدفها وإستراتيجيتها..! ولا يقول لك شيخهم وحواره أن السلطة هي التي أفسدتهم..! إن السلطة بريئة من ذلك..! وإنما الأمر كان من أوله معجوناً بالسرقة واللصوصية..وإلا كيف تفسّر البداية بتعطيل الرقابة وتكميم القضاء..؟!
الدليل على ذلك هو شطب مؤسسات البلاد الكبرى التي كانت تُعني بالمقاييس والمعايير ومشتريات الدولة..وتصفية النقل الميكانيكي والأشغال والمخازن والمهمات.. فلا داعي لمؤسسة حكومية تحدد ضوابط المشتريات والأزياء النظامية أو تقوم بتفتيش أو (تفنيش) سيارات الدولة.. أو تضبط العطاءات والمقاولات.. وفي هذه المعمعة تم تشليع وبيع السكة حديد و(مواصلات العاصمة) والبوستة العمومية والنقل النهري والخطوط البحرية وسودانير والبنوك الحكومية وكل مرافق الدولة المُنتجة لمآمير الإنقاذ وثعلباناتها..وشمل ذلك المصانع والفبارك والأراضي والعقارات وكان بينها (مصنع الكناف) الذي تم بيعه أراضيه ومبانيه وتقاويه ومخازنه وأرصدته بغير مقابل وبشيكات وهمية..ولا معنى لتكرار قصة أحدهم..عضو مجلس إدارة البنك الحكومي الكبير الذي قام بطلب سلفية من البنك (وصادق عليها) ثم اشترى بجزء منها ( البنك نفسه)..! هل هذه أيضاً كذبة من تأليف معارضة الفنادق…!
تمت هذه السرقات تحت طامة الخصخصة التي تعني (همبتة) مرافق الوطن الناجحة..ولا يمكن أن يغيب عن بالك يا صديقي (ثلاثي الخصخصة المرعب)..عبد الرحيم حمدي وتاج السر مصطفي ومولانا الأمين دفع الله..! وقد قادت هذه الخصخصة المزعومة إلى فساد لا أول له ولا آخر ولج فيه كثيرون ومن أوسع الأبواب..وتم كانت إجازة (التجنيب) تحت شعارات الكذب والبهتان ودعاوي الفيدرالية المالية و(تقليص الظل الإداري..!! فلم يكن التجنيب إلا من أجل تسليك طريق الفاسدين وشراء الذمم و(توليف المُعصلجين) على حساب موارد الدولة ومصالح المواطنين..أما ما حدث حول نصيب السودان من عوائد البترول..وكيف أدار الجاز أمر الجاز..فتلك قصة أخرى!
murtadamore@yahoo.com