الذي يريد أن ينظر الي حقيقة عناصر النظام المخلوع، ويرى زيفهم الحقيقي ينظر الي ردة فعلهم لمسرحية اعتراف الرئيس المخلوع عمر البشير في محكمة انقلاب( ٨٩) ، والذي تحمل فيها البشير مسئولية الانقلاب وقال (لم يكن لأي عضو في مجلس قيادة الثورة أي دور في أحداث 30 يونيو 1989) ، وكشف عدم تورط قادة مجلس الإنقاذ في الإنقلاب ولم يكن لهم دور في التخطيط أو التنفيذ للانقلاب، وأن التحرك لم يكن بمشاركة أي شخصية مدنية) .
فزيفهم الذي لا يقل عن زيفه، في كيف أنهم هللوا وكبروا لحديثه الذي برأ فيه قيادات الحركة الاسلامية من الانقلاب ، ونسب وزره ومسئوليته لنفسه ، ونصب نفسه بطلا للخديعة وتغبيش التاريخ .
فالفلول تعلم علم اليقين أن الرجل كذب في اعترافه لكن رغم ذلك صفقوا له بإعجاب ، لأنه قال مايريدون سماعه فقط ، فالطفل في مهده يعلم ان الانقلاب جاء تنفيذا لفكرة وتخطيط قيادات الحركة الإسلامية ، اعترف بذلك شيخهم حسن عبد الله الترابي الذي قال شهادته للتاريخ وللعصر على قناة الجزيرة : ( كنا نحن في مجلس قيادة الثورة بضعة عشر ، زعماء التنظيم وبعض التنفيذيين ومجلس الشورى ، كان المجلس يعطينا نحن جميعا وكان ثمة خمسة معروفين ويسأل المذيع من هم هؤلاء الخمسة ، ويجيب الترابي هم علي عثمان ، وابراهيم السنوسي ، وعوض الجاز ، ويسن عمر الامام ، وعلي الحاج ) ويردف قائلا واخترنا البشير لانه كان الأعلى رتبة فقط ليس لشي اخر ) ، يقول المذيع ، وانت ماهو دورك و ما الذي كان يهمك ؟! يقول الشيخ مايهمني ( الخطة والأجل وأمنها ) ، هذا ماجاء على لسان زعيم الحركة الاسلامية وعرابها حسن عبد الله الترابي، إن كانت معرفة الشعب السوداني وعلمه وإلمامه بالحقيقة وماحدث غير كاف لإدانة البشير بالكذب ، فحديث الترابي سجله بصدق وتجرد لانه كان يعلم ان الحوار سيتم بثه عقب موته ، فالرجل كانت شهادته لله قبل كل شيء.
فالمخلوع بدأ مشواره بكذبه وختمه بكذبة، فدور البطولة الذي كان يبحث عنه البشير بقوله افتخر انني مفجر ثورة الإنقاذ هو دور( مسروق ) ، سلب فيه البشير خطيئة غيره علناً ونسبها لنفسه ليكون بطلا ( من ورق ) وهذا امر لايستدعي عند الرجل الفخر.
فهذه المسرحية التي قدمها البشير هي تمهيد لتبرئة قيادات الحركة الاسلامية من الاتهامات التي وجهت لهم ، وإشارة واضحة لقرب خروجهم من السجن بصورة واضحة و رسمية ومقننة ، فالبشير لم يكتف بإعترافه فقط المخلوع ذكّر القاضي بقوله ( أعترف واعلم ان الإعتراف سيد الأدلة ) بربكم هل سمعتم بمتهم واحد في العالم كله يذكر القاضي بان الإعتراف سيد الأدلة حتى تتم ادانته ، فالبشير بهذا التذكير لاينبه القاضي لادانته انما يحثه على ضرورة تبرئة المتهمين من الحركة الاسلامية !!
فحديث البشير بالأمس هو الدور المُشوق الذي خبأه وإدخره المخرج ليكون مفاجأة الحلقة الأخيرة ، قدمه البشير بمهارة عالية ، لكن لم يدرك المخرج ان الجمهور المستهدف ، ماعادت تبهره هذه المسرحيات ، لذلك لم يكن في حالة دهشه وانبهار قدر ما انه كان في حالة تهكم ، لأن النص لم يكن جاذبا وبطل المسرحية ماعاد بطل الجمهور المفضل.
فما قدم بالأمس سيناريو يستدعي عندك السخرية في لحظة آنية ملحة ، فهذا الشعب ليس بهذه السذاجة والغباء ، هذا الحديث لا ينطلي على عقليات يغمرها الوعي والإدراك ، ولا يصدقه احد سوى ثلاثة ، عناصر الفلول واعلامهم ، وحسن اسماعيل !! .
طيف أخير:
الحقيقة خُلقت عارية محاولة سترها ذنب وجريرة!!
الجريدة